DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

لماذا؟

لماذا؟

لماذا؟
حين تلقي ببصرك طويلا على الفلسفات والأدلوجيات الوضعية والأمنيات والأشواق والتجليات الوجدانية.. ثم تسأل: هل استطاعت أي واحدة منها أن تضع البشرية كلها على طريق مضيء صاعد الى ما يسمونه الكمال؟ ستقول لنفسك: اذا كان هدف كل تلك الادلوجيات والاشواق هو اخراج الانسان من غرائزه الاولى طلبا للكمال.. فمن المفترض ان كل واحدة منها ترافقت مع الاخريات لوضع البشرية على هذا الطريق، وحين تجد الاخفاق يملأ كفيك، سيدفعك هذا الاخفاق الى السؤال: لماذا.. لماذا عجزت كل تلك المحاولات عن بلوغ هدفها المفترض حتى اصبحنا نقول مع محمود درويش: «لم نعد قادرين على اليأس أكثر مما يئسنا»؟ هل ذلك عائد الى فقدان الطفولة البشرية، حيث كان الانسان سابحا في انهار الاساطير، وحيث كانت الميتافيزيقا تمده بالاحلام المترامية الاطراف؟ يعزز ذلك ان وعيه وطاقاته الروحية لم تبلغ بعد صعود الاحتمالات والاجابة الواضحة عن الاسئلة التي يطرحها مجرد وجوده. هل ذلك عائد الى بلوغ ملكات الإنسان الداخلية رشدها لأن العلوم بمختلف فتوحاتها قد فتقت اكمام قواه الذهنية ووضعت الشمس والقمر دائمين على دربها؟ هل ذلك راجع إلى أن تلك الادلوجيات امور مكتسبة.. والمكتسب سريع التغير او بطيء التغير احيانا.. وليس اعتناقها نابعا من الفكر الذاتي، ولذلك لم تؤثر التأثير المفترض؟ نظمت أكاديمية «ديجون» مسابقة حول السؤال التالي: «هل أسهم تقدم العلوم والآداب في إفساد الأخلاق أم تطهيرها؟» وقد أجاب عليه جان جاك روسو «1712–1778» مؤكدا على أن تقدم العلوم والآداب أبعد الانسان عن طبعه العفوي، وأن المجتمع قد أفسد أفراده، لأنه زرع فيهم بواسطة الملكية الخاصة ميول العدوان والأنانية، وقد نشرت الإجابة التي فازت بالجائزة في «1750». جان جاك روسو يعتبر من آباء الحركة الرومانسية، فهل تعتبر أنت معه ومثله أن العلم أجهز على هذه الحركة التي اندفعت كنهر من عواطف الانسان ومشاعره حتى التحق بعالم العصافير؟ لا أظنك ترضى أن العلم الذي روض الطبيعة هو في طريقه الى كشف مجاهل وكهوف النفس البشرية.. لا أظنك ترضى بأن يهان بهذه السهولة، وستذهب الى التفتيش عن المناطق المظلمة في حياة روسو «وهي كثيرة» لترجمة بأشد الألفاظ فلسفة. أما أنا فسأرغم نفسي على تجرع الحلم بأن العلم والادب سيصلان يوما ما الى اضاءة الضمير البشري وتطهيره من جميع الشرور، فهل على الأحلام حرج؟