أخبار متعلقة
تحتل قضية توطين الوظائف لدى القطاع الخاص الخليجي أهمية كبيرة بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي في هذه الآونة حيث بدأت هذه الدول تشهد ولأول مرة منذ عقود ما بعد الطفرة النفطية تفشى ظاهرة البطالة بين المواطنين والتي تقدر بـ 3% في دولة الكويت وتتراوح بين 1 إلى 2 بالمائة في كل من دولة قطر ودولة الإمارات فيما تتجاوز في المملكة العربية السعودية 7 بالمائة من حجم العمالة الوطنية، والغريب في الأمر أن تكون هذه الظاهرة موجودة في بلاد يعمل بها ملايين الوافدين الذين يعملون في العديد من الوظائف والمهن في ظاهرة اقتصادية فريدة لا تتكرر في معظم الدول الأخرى. وتشير إحدى الدراسات الحديثة الصادرة عن اتحاد غرف دول مجلس التعاون إلى أن نسب العمالة الأجنبية ترتفع لدى مؤسسات وشركات القطاع الخاص الخليجي حيث تشير البيانات والإحصاءات المختلفة إلى أن هذا القطاع يعتمد بدرجة قياسية وكبيرة على الأيدي العاملة الأجنبية بالرغم من الجهود المبذولة على المستويين العام والخاص لتوطين الأيدي العاملة في هذا القطاع مؤكدة أن هذا الواقع ولد ضغوطاً كبيرة على القطاع الخاص الخليجي من قبل الجهات الحكومية والشعبية لحثه على زيادة نسبة توطين الأيدي العاملة في المؤسسات والمشاريع الخاصة، حيث تأتي هذه الضغوط نتيجة لعوامل منها أنه القطاع المعول عليه لقيادة مسيرة التنمية الاقتصادية في المستقبل، وأن سياسة توظيف الأيدي العاملة الوطنية لدى مؤسسات القطاع العام وصلت إلى مراحل متقدمة نسبياً.
ويدور الآن جدل واسع بين كافة المهتمين حول مدى فعالية مؤسسات القطاع الخاص في توظيف المواطنين حيث يعتقد البعض أن الجهود التي تبذلها هذه المؤسسات مازالت دون المستوى المطلوب حيث ان الاعتماد على الأيدي العاملة الوافدة كبير ويأتي في حالات كثيرة على حساب المواطنين، وهناك خلاف كبير بين أصحاب المؤسسات الخاصة والباحثين عن عمل حول الأسباب التي تدفع باتجاه عدم تجاوب مؤسسات القطاع الخاص مع متطلبات توطين الوظائف، ولكن ومهما يكن من أمر فإن المطلوب هو أن يدرك الجميع أنه في النهاية لابد من أن يتحمل كل طرف مسؤولياته نحو هذه القضية بانفتاح وموضوعية للوصول إلى قناعات مشتركة حول أفضل السبل الكفيلة بزيادة مساهمة القطاع الخاص في توظيف المواطنين دون التأثير على مقدرة هذا القطاع على المنافسة الاقتصادية محلياً وإقليمياً ودولياً. وبما أن الغرف التجارية والصناعية في دول المجلس تعتبر الأطر المؤسسية الراعية للقطاع الخاص الخليجي، حيث تعمل على تمثيل المصالح الاقتصادية لمؤسسات وأفراد هذا القطاع بهدف تنمية وتطوير دورة الاقتصادي، فقد أدركت الغرف التجارية أن نجاح القطاع الخاص في النهوض إلى مستوى التوقعات والآمال المعقودة عليه في المجالين الاقتصادي والاجتماعي يتطلب زيادة مساهمته في توطين الوظائف وتشغيل المواطنين بوتائر عالية تتناسب مع ما يمثله هذا القطاع من رافد رئيس للاقتصاد. ويمكن تلخيص الآليات والوسائل التي تساهم من خلالها الغرف الخليجية في العمل على توطين الوظائف لدى القطاع الخاص الخليجي في تدريب المواطنين وتشكيل اللجان الخاصة بالتوطين وما يتصل به من قضايا، والتعاون مع الجهات الأخرى التي تعنى بقضايا التوطين وتنمية القوى العاملة، وتنظم الفعاليات التي تعنى بالتوطين والمشاركة فيها، وإنشاء الأجهزة التي تعنى بتوظيف الشباب الخليجي. ويرى المسئولون في اتحاد غرف دول مجلس التعاون أن من أهم السبل الكفيلة بتوطين الوظائف بدول مجلس التعاون لدى القطاع الخاص هو إعادة النظر في السياسات التعليمية الحالية في دول المجلس، وتفعيل دور التدريب في إعداد وتأهيل المواطن الخليجي، وبناء نظم متكاملة من المعلومات الخاصة بالعمل والعمال.
وتأتي حساسية مسألة توطين العمالة لدى القطاع الخاص الخليجي وأهميتها من أن دوره في توظيف المواطنين مازال ضعيفاً حيث تصل نسب العمالة الوافدة في القطاع الخاص في بعض دول المجلس إلى ما يربو على 95% وهذا الواقع لا يمكن قبوله والاستمرار عليه على المديين المتوسط والطويل لكون القطاع الخاص الخليجي أصبح القطاع المعول عليه في قيادة مسيرة التنمية الاقتصادية المستقبلية لدول المجلس في ظل المتغيرات والظروف الإقليمية والدولية الراهنة والتوجه العالمي نحو العولمة وتحرير الاقتصادات الدولية. وبما أن الغرف التجارية والصناعية في دول المجلس تعتبر أهم الأطر المؤسسية الراعية للقطاع الخاص الخليجي، حيث تعمل على تمثيل المصالح الاقتصادية لمؤسسات وأفراد هذا القطاع بهدف تنمية وتطوير دوره الاقتصادي، وحيث ان دورها يمتد أيضاً- حسبما تنص عليه أنظمتها الداخلية- إلى دعم ورعاية المصالح الاقتصادية العامة التجارية والصناعية والزراعية والخدمية، فقد كان لهذه الغرف دور فاعل في إيجاد أفضل الوسائل لتوطين الوظائف لدى شركات ومؤسسات القطاع الخاص الخليجي. فقد أدركت الغرف التجارية أن نجاح القطاع الخاص في النهوض والوصول إلى مستوى التوقعات والآمال المعقودة عليه في المجالين الاقتصادي والاجتماعي يتطلب زيادة مساهمته في توطين الوظائف وتشغيل المواطنين بوتائر عالية تتناسب مع ما يمثله هذا القطاع من رافد رئيسي للاقتصاد الوطني والركيزة التنموية الأساسية لدول المجلس في المستقبل. من هنا سعت الغرف الخليجية إلى الاهتمام بقضايا توطين العمالة لدى مؤسسات وشركات القطاع الخاص من خلال العمل على تدريب وتأهيل المواطنين لرفع سوية أدائهم الوظيفي والإنتاجي بما يتناسب واحتياجات القطاع الخاص الخليجي، والسعي مباشرة لتوظيف المواطنين لدى شركات ومؤسسات القطاع الخاص ومن خلال وسائل أخرى سيتم عرضها في هذه الدراسة. وفي هذا الإطار تهدف هذه الورقة إلى دراسة وتقييم الجهود المبذولة من قبل الغرف الخليجية في مجال توطين الوظائف واقتراح أفضل السبل لزيادة تفعيل هذا الدور بما يتناسب ومتطلبات المرحلة الراهنة. ومن أجل ذلك قسمت الورقة إلى عدة أجزاء، تناول الجزء الأول منها البطالة كظاهرة اقتصادية جديدة في دول المجلس ومدى مساهمة القطاع الخاص الخليجي في توظيف المواطنين والعوامل التي تتحكم في مقدرته على تشغيلهم. وتم في الجزء الثاني من الدراسة استعراض الآليات التي تقوم من خلالها الغرف بالمساعدة في توطين الوظائف لدى القطاع الخاص الخليجي وهي بشكل أساسي تنحصر في مجال تدريب وتأهيل المواطنين ومعالجة المشاكل التي تحد من إمكانية توظيفهم لدى القطاع الخاص بالتعاون مع الجهات الحكومية ووسائل أخرى تتناولها الدراسة بشيء من التفصيل والشرح.أما الجزء الثالث من الدراسة فقد تناول مرئيات اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي حول السبل الكفيلة بزيادة مقدرة القطاع الخاص الخليجي على توطين الوظائف وإحلال الأيدي العاملة الأجنبية بدلاً من العمالة الوافدة والدور المقترح أن تضطلع به الغرف الخليجية في كل من هذه المقترحات.
القطاع الخاص الخليجي والتوطين
طغى الحديث عن مسألة تشغيل الأيدي العاملة الوطنية في دول مجلس التعاون الخليجي على أي حديث اقتصادي آخر خلال السنوات القليلة الماضية، لأنها أصبحت تشكل التحدي الاقتصادي الرئيسي الذي يواجه هذه الدول نتيجة مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ومن الناحية الاقتصادية هناك عاملان أساسيان هما :
ـ تسارع معدلات النمو السكاني بنسب تقترب من 3.5 بالمائة وهي من أعلى المعدلات العالمية، إضافة إلى تزايد نسبة الملتحقين بمراحل التعليم حيث تقدر نسبة الطلبة في جميع مراحل التعليم في دول المجلس بين حوالي 60 ـ 65 بالمائة من إجمالي عدد السكان. وقد أدى ذلك إلى تسارع معدلات نمو الداخلين الجدد إلى سوق العمل من المواطنين بشكل فاق معدلات النمو الاقتصادي التي استطاعت أن تحققها دول المجلس في السنوات الماضية والتي شهدت تراجعا ملموسا خلال العقد الأخير، فضعفت مقدرتها الاستيعابية على توظيف الداخلين الجدد إلى سوق العمل .
ـ تزايد أعداد الأيدي العاملة الأجنبية في دول المجلس التي تتراوح بين 70 ـ 75 بالمائة من إجمالي القوى العاملة، بحيث أصبحت عبئا يثقل كاهل هذه الدول لما يترتب عليها من أعباء اقتصادية واجتماعية وسياسية عديدة. تتمثل الأعباء الاقتصادية في مجالات عديدة، أهمها: الضغط على أرصدة دول المجلس من العملات الأجنبية. وترتفع نسب العمالة الأجنبية بشكل خاص لدى مؤسسات وشركات القطاع الخاص الخليجي حيث تشير البيانات والإحصاءات المختلفة إلى أن هذا القطاع يعتمد بدرجة قياسية وكبيرة على الأيدي العاملة الأجنبية بالرغم من الجهود المبذولة على المستويين العام والخاص لتوطين الأيدي العاملة في هذا القطاع . وتتراوح التقديرات لنسبة الأيدي العاملة الأجنبية في القطاع الخاص الخليجي بين حوالي 87 بالمائة في السعودية ـ للمؤسسات التي توظف 10 عمال فأكثر ـ و95 بالمائة في قطر، و68 بالمائة في البحرين، و96 بالمائة في الكويت، وأكثر من 95 بالمائة في دولة الإمارات العربية المتحدة، و78 بالمائة في سلطنة عمان. وتتركز الأيدي العاملة الأجنبية لدى القطاع الخاص في فئة الأيدي العاملة شبه الماهرة وغير الماهرة، وهم في غالبيتهم من العمال الآسيويين الذين يعملون بأجور متدنية جداً تجعل من الصعب إيجاد بديل محلي يقبل نفس الأجر، أو حتى أجرا أعلى نسبياً .
هذا الواقع ولد ضغوطا كبيرة على القطاع الخاص الخليجي من قبل الجهات الحكومية والشعبية لحثه على زيادة نسب توطين الأيدي العاملة في المؤسسات والمشاريع الخاصة. وتأتي هذه الضغوط نتيجة لعوامل عديدة أهمها :
ـ أنه في ظل الظروف والمستجدات الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية التي تواجه دول المجلس في الوقت الحاضر، أصبح ينتظر من القطاع الخاص أن يأخذ الدور الريادي والمحوري في قيادة مسيرة التنمية الاقتصادية في ظل التوجه العالمي نحو العولمة وتحرير الاقتصاد بالاعتماد على قوى السوق من عرض وطلب. فقد أضحى الاعتماد على القطاع العام في الدول النامية عموما، وفي دول المجلس خصوصا، أمراً لا يحقق الأهداف الاقتصادية بكفاءة وفاعلية. أما القطاع الخاص فهو الأقدر على ممارسة النشاطات الاستثمارية والإنتاجية في ضوء المتغيرات الراهنة بصورة تنعكس إيجابيا على الأداء الاقتصادي والتنموي للدول .
ـ ان سياسة توظيف الأيدي العاملة الوطنية لدى مؤسسات القطاع العام وصلت إلى مراحل متقدمة نسبيا لا يمكن العمل على زيادتها بسهولة. وتقدر نسبة الأيدي العاملة الوطنية لدى مؤسسات القطاع العام في السعودية بحوالي 79 بالمائة (1) وفي البحرين بحوالي 90 بالمائة (2) و68 بالمائة في الكويت (3). وفي ظل تبني حكومات دول المجلس سياسات اقتصادية تهدف إلى ضبط وترشيد الإنفاق العام، ورفع كفاءة الجهاز الإداري في الحكومة، وتبنيها برامج التخصيص، فقد أًصبحت مقدرتها على توظيف المزيد من المواطنين أمراً تقف دونه صعوبات عديدة، لاسيما أن غالبية الأيدي العاملة الأجنبية في مؤسسات القطاع العام تعمل مهنا متدنية بأجور منخفضة جداً .
وقد أخذت الضغوط على القطاع الخاص الخليجي تصبح أكثر حدة من قبل الجهات الحكومية والجهات الشعبية على حد سواء نظراً لظهور ظاهرة تفشي البطالة بين قطاع واسع وعريض من أبناء المنطقة الباحثين والتي تقدر بحوالي 1 بالمائة في دولة الكويت ويقدر ألا تتجاوز البطالة في كل من دولة قطر والإمارات العربية هذه النسبة. وفي دولة كالمملكة العربية السعودية التي تعد أكبر دول المجلس من حيث عدد السكان لا توجد احصاءات رسمية حول معدلات البطالة إلا أن بعض المصادر تشير إلى أنها لا تقل عن مستوى 10 بالمائة من حجم القوى العاملة الوطنية .
وفي إطار هذه الضغوط، لجأت حكومات دول المجلس إلى فرض نسب مئوية محددة لتوطين الأيدي العاملة لدى مؤسسات القطاع الخاص. فمنذ أكثر من عام قامت حكومة مملكة البحرين بالاشتراط على الشركات والمؤسسات بزيادة نسبة البحرنة بواقع 5 بالمائة سنويا، واشترطت الحكومة السعودية على الشركات والمؤسسات التي توظف 20 عاملا فأكثر نسبة توطين ـ سعودة ـ تبلغ 5 بالمائة على أن تتم زيادتها بواقع 5 بالمائة سنويا. وهناك اتجاه لفرض نسب مماثلة على الشركات والمؤسسات التي توظف أقل من 20 عاملا. وفي قطر، فرضت الحكومة نسبة توطين على جميع المنشآت العاملة في القطاع الخاص بواقع 20 % كمرحلة أولى .
وتقوم بعض الحكومات الخليجية بنشر قوائم بين فترة وأخرى تحدد فيها عددا من المهن والأعمال التي لا يجوز للأجانب مزاولتها في القطاع الخاص بعد أن تأكد لها وجود بدائل محلية بالقدر الكافي. وكان التركيز في البداية على المهن الكتابية والإدارية، وهناك توجه في الوقت الراهن لفرض قيود مماثلة على بعض المهن الفنية وشبه الفنية .
وتلجأ بعض حكومات في دول المجلس إلى زيادة تكاليف استخدام الأيدي العاملة الأجنبية برفع رسوم الاستقدام في بعض الأحيان ومضاعفتها كما هو الحال في البحرين، وقامت الحكومة السعودية برفع هذه الرسوم مؤخراً ـ إضافة إلى تقييد وتصعيب إصدار رخص العمل. وهناك العديد من الوسائل الأخرى التي لا يتسع المقام لذكرها هنا .
غير أن الإجراءات السابقة ذات أثر محدود على المدى القصير وغير فعالة على المدى الطويل لحفز القطاع الخاص الخليجي على اتخاذ خطوات جوهرية وفعالة نحو زيادة نسب التوطين. ويرجع ذلك إلى عوامل عديدة يمكن تلخيص أهمها فيما يلي :
ـ انها ترتب تكاليف مالية مباشرة وعالية على مؤسسات القطاع الخاص بحيث تضعف مدى رغبته واستعداده للاستجابة لها لتأثيرها السلبي على مقدرته التنافسية محليا ودوليا.
ـ إن الفجوة الكبيرة بين الأجور الإنتاجية لكل من الأيدي العاملة الوطنية وتلك الأجنبية مازالت كبيرة، خاصة بالنسبة للفئات شبه الماهرة وغير الماهرة من الأيدي العاملة .
ـ هناك العديد من الأسباب الأخرى التي يوردها القطاع الخاص كحجج ومبررات لتمسكه بالأيدي العاملة الأجنبية منها: ضعف الإنتاجية للعامل المحلي، وعدم إقبال المواطنين الخليجيين على ممارسة بعض المهن، وأن الأجانب ليسوا بحاجة إلى التدريب، وأنهم أكثر انضباطا وتقيداً بتعليمات العمل اليومية .
ويدور جدول واسع بين كافة المهتمين حول مدى وفاعلية مؤسسات القطاع الخاص في توظيف المواطنين حيث يعتقد البعض أن الجهود التي تبذلها هذه المؤسسات مازالت دون المستوى المطلوب حيث ان الاعتماد على الأيدي العاملة والوافدة كبير ويأتي في حالات عديدة على حساب المواطنين. وهناك خلاف كبير بين أصحاب المؤسسات الخاصة والباحثين عن عمل حول الأسباب التي تدفع باتجاه عدم تجاوب مؤسسات القطاع الخاص مع متطلبات توطين الوظائف. ويمكن إبراز وجهات النظر المتضاربة حول هذا الموضوع فيما يلي:
أولا: وجهة نظر الباحثين عن عمل:
- تشترط كافة مؤسسات وشركات القطاع الخاص تمتع الراغبين في التقدم بطلب للعمل لديها بخبرات عملية سابقة بحد أدنى سنتين وحيث ان معظم الباحثين عن عمل هم الخريجون حديثا سواء من التعليم الثانوي أو العالي فان فرص هؤلاء لإيجاد عمل مناسب تتضاءل كثيرا نتيجة لإصرار الشركات على هذا المطلب. ويرى هؤلاء أن مشكلة نقص الخبرة يمكن تجاوزها من قبل الشركات الجادة في موضوع توطين الوظائف من خلال التدريب على رأس العمل وهو الأمر الذي لجأ إليه بعض الشركات والمؤسسات الخاصة الكبيرة والمرموقة. لكن بعض هذه الشركات لا يرغب في تحميل تكاليف التدريب على الرغم من أن لهذا النوع من الإنفاق آثاره الإيجابية التي تتأتى على المدى الطويل.
- تشترط العديد من الشركات في القطاع الخاص ضرورة إجادة طالبي الوظيفة اللغة الإنجليزية واستخدام الحاسب الآلي , وهو الأمر الذي لا يتوافر لدى معظم الخريجين الجدد , ويؤكد بعض طالبي العمل ان بعض الشركات تتمادى في هذا الطلب الى درجة انها تشترط هذا الأمر في مهن لا تحتاج الى إتقان اللغة الإنجليزية أو إجادة استخدام الحاسب الآلي.
- الرواتب التي تعرضها الشركات لطالبي الوظائف متدنية جدا ولا تكاد تغطي النفقات الشخصية للموظف من تنقل ومأكل وملبس , في حين أن الرواتب التي تدفع للأجانب إذا ما أضيف لها نفقات المسكن والسفر ونفقات استصدار رخص الإقامة والعمل وغيرها من النفقات الاخرى لا تقل بأي حال من الأحوال ـ بل تكاد تزيد ـ على الحد المعقول الذي يمكن أن يدفع للمواطنين.
- يرى بعض هؤلاء أن بعض الشركات الخاصة غير جاد في مسألة التوطين ويحتال على الأنظمة والتعليمات الحكومية الخاصة بهذا الشأن بوسائل عدة منها تعيين بعض المواطنين في المناصب التي تشكل واجهة الشركة فيما يعمل الأجانب من وراء الكواليس. كذلك تلجأ بعض هذه الشركات إلى الإعلان عن الوظائف التي تحتاجها باللغة الإنجليزية كي لا تصل إلى اكبر عدد ممكن من مطالب الوظائف المواطنين التي يمكن أن تنطبق عليهم شروط الوظيفة.
ثانيا: وجهة نظر شركات ومؤسسات القطاع الخاص:
- يرى بعض مسئولي الشركات الخاصة أن ما ينقص المواطن الخليجي هو التدريب فالشركات الخاصة بحاجة إلى المواطنين ذوي التأهيل العالي لكن معظم هؤلاء لا يسعون إلى تأهيل انفسهم وفقا لاحتياجات سوق العمل.
تتردد الشركات كثيرا في الإنفاق على تدريب المواطنين لتأهيلهم لديها نظرا لعدم وجود قوانين تحمي هذه الشركات من المواطنين , حيث يجري صرف مبالغ طائلة على تدريب بعض المواطنين داخليا ومحليا ومخارجيا لكن معظمهم يسارع فور الانتهاء من التدريب الى البحث عن عمل لدى شركات أخرى.
- إن المواطنين الخليجيين لا يقبلون على العمل في العديد من المهن والوظائف التي يشغلها وافدون لتدني القيمة الاجتماعية لها. وفي خارج إطار الأسباب التي يبديها طرفا معادلة التوطين في القطاع الخاص الخليجي وهما: الباحثون وأصحاب العمل فان هناك العديد من الأسباب الخارجية الأخرى التي تسهم بطريقة أو بأخرى في محدودية دور القطاع الخاص في توطين الأيدي العاملة , ومن أهم هذه الأسباب:
- عدم المواءمة بين مخرجات النظم التعليمية والتدريبية واحتياجات سوق العمل , حيث مازالت النظم التعليمية غير قادرة على إعداد المواطن الخليجي الإعداد الكافي واللازم ليصبح قادرا على العمل والابداع في الميادين والتخصصات التي يحتاجها القطاع الخاص.
- ضعف مساهمة الأجهزة القائمة على خدمات سوق العمل بالقدر اللازم لمعالجة الاختلالات الهيكلية في هذا السوق وتوفير البيئة المناسبة لالتقاء العرض مع الطلب على العمالة الوطنية نظرا لعدم اكتمال هياكلها التنظيمية والإدارية والمالية؟
- عدم توافر معلومات شاملة ومفصلة عن سوق العمل بشكل دوري ومنتظم مما أدى إلى عدم تمكن الباحثين عن عمل من التعرف على فرص العمل المعروضة وأجورها ومتطلباتها وغير ذلك من البيانات , وعدم تمكن أصحاب العمل من إيجاد متطلباتهم من المواطنين الراغبين في العمل ببعض المهن والتخصصات المطلوبة لديهم.
- ان مشكلة البطالة التي أخذت تظهر في المجتمع الخليجي لها ابعاد متداخلة ومتشابكة فهناك أعداد كبيرة من العمالة الوافدة تشغل معظم الوظائف المتاحة في القطاع الخاص فيما يعاني بعض أفراد المجتمع بطالة هي في طبيعتها بطالة هيكلية أفرزتها ظروف اجتماعية صاحبت مسيرة التنمية الاقتصادية خلال ما يعرف بسنوات الطفرة الاقتصادية التي غيرت ملامح الكثير من القيم والمفاهيم السلوكية الاجتماعية والاقتصادية فأصبح بعض الحرف والمهن غير مقبول أو مرفوض أو في احسن حال يتم الترفع عن الإقبال عليها.
لكن مع مرور الوقت ومع استمرار زيادة الصعوبات التي تواجه مواطني دول مجلس التعاون الخليجي في إيجاد الوظائف المناسبة فانه من المتوقع أن يتغير الكثير من القيم والمفاهيم السائدة المتعلقة بالعمل وقيمة العمل الاجتماعية والاقتصادية والى ان تحدث هذه التغيرات فعلها المطلوب باتجاه إقبال المواطنين الخليجيين على العمل في كافة المهن والوظائف المتاحة بشروط تتفق وطبيعة الظروف الاقتصادية الراهنة التي تملي شروطها على القطاع الخاص الخليجي , فان المطلوب أن يدرك الجميع أنه في النهاية لابد أن يتحمل كل طرف مسؤولياته نحو هذه القضية بانفتاح وموضوعية للوصول إلى قناعات مشتركة حول افضل السبل الكفيلة بزيادة مساهمة القطاع الخاص في توظيف المواطنين دون التأثير على مقدرة هذا القطاع على المنافسة الاقتصادية محليا وإقليميا ودوليا. وللموضوع بقية.
عمالة أجنبية قبض عليها لعدم وجود اقامات نظامية لديها