أخبار متعلقة
من الطبيعي ان تقرأ على لوحة معلقة أو منصوبة في أرض ما (الأرض للإيجار)، ولكنك تستغرب حين تكون هناك مقبرة للإيجار)، ولكن هذا ما تعرضت له مقبرة (دافع) في قرية جليجلة شمال مدينة المبرز، التي لا يعتبرها أهل هذه القرية مجرد مقبرة تحوي رفات موتاهم، بل مخزون ذاكرتهم، الذي يعيد لهم عددا من الأحداث التاريخية الهامة، المرتبطة بهم شخصياً، أو بتاريخ المنطقة والقرية على وجه الخصوص، مثل الأوبئة التي حلت بالمنطقة، كسنة انتشار الطاعون، الذي حصد آلاف الأرواح في المملكة، حتى سميت تلك السنة (سنة الرحمة).مقبرة جليجلة ليست معروضة للإيجار فقط، بل هي محل تنازع بين عدد من الملاك، مما يخل بحرمة الأموات المدفونين تحت ثراها.
(اليوم) حاولت استطلاع آراء سكان جليجلة حول مقبرتهم المعرضة للزوال.
عوائلنا ترقد هنا
يبلغ محمد الخليفة من العمر 120 عاماً، ومازال يتمتع بصحة جيدة، وذاكرة قوية، يقول: يضم تراب هذه المقبرة رفات الكثير من أفراد أسرتي، الذين دفنتهم فيها، ومنذ طفولتي أعرف ان هذه الأرض مقبرة للقرية، ولا أعلم ان لها مالكاً.
ويتذكر أحمد عبدالعزيز السبيعي أنه دفن في هذه المقبرة قبل قرابة نصف قرن والده، وبعدها بقليل دفن والدته، ثم آخرون من أفراد أسرته.. يقول: أعرف مكان قبورهم واحدا واحدا، ولقد تجاوزت الثمانين من عمري تقريباً.
أما سعد مبارك العايد الذي يبلغ من العمر 85 عاماً، فيقول: المقبرة ترتبط بذاكرتنا، فهي تذكرنا بمدى النعيم الذي نعيشه اليوم، مقارنة بما كنا عليه في السابق، من شظف عيش وفقر وأمراض، في الغالب لم يكن لها علاج، ويكون مصير من يصاب بها الموت، وأبرز هذه الذكريات التي تحتضنها المقبرة وجوه كبار السن، هي سنة الرحمة، حين انتشر وباء الطاعون بين الناس، وحصد أرواح الكثيرين.
وثيقة تحدد الحدود
يملك حسين الناصر مزرعة كبيرة تجاور المقبرة من الجهة الغربية، يقول: لدي صك يعود إلى عام 1355هـ، صادر من المحكمة الكبرى في الهفوف، وهو يحدد حدود المقبرة، التي تحد أملاكي من الجهة الشرقية.
خطر التقسيم
في البدء واجهت مقبرة جليجلة خطر التقسيم، حين قرر مشروع هيئة الري والصرف في الأحساء تقسيمها إلى 4 أقسام، يقول أحمد الغانم: رفعنا نحن أهالي القرية دعوى ضد المشروع، لأنه تعد واضح وصريح على حرمة أمواتنا.
الخطر الثاني كان رمي المخلفات والأنقاض في المقبرة، ويتهم محمد أحمد السبيعي بلدية الأحساء بالتسبب في هذا.. يقول: البلدية لم تسور المقبرة، وهذا شجع البعض على التعدي على حدودها، واعتبارها مكانا لإلقاء النفايات والأنقاض.
تعد وتأجير
سلسلة الأخطار تشمل محاولة البعض التعدي على أرض المقبرة، وامتلاكها، هذا ما يكشفه كل من حسين الغانم محمد الفضل محمد السبيعي، الذين طالبوا بحماية المقبرة من هذه التعديات، ومنع الطامعين من نهب حرمة الأموات.
غير ان الطامة الكبرى التي حلت بالقرية هو انتشار خبر اعتزام أملاك الدولة تأجير أرض المقبرة، يقول سالم المبارك، راجعنا أملاك الدولة أكثر من مرة، ولكن دون الحصول على نتيجة، فالمقبرة معروضة الآن للإيجار.
قنوات الري والصرف تخترق المقبرة وتقسمها 4 أقسام
مخطط للمنطقة يحوي رفعاً مساحياً للمقبرة