كلمة (بكش) عربية فصحى, كما جاءت في المعجم الوسيط, وبكش العقدة بكشا, اي حلها, قالوا: بكش عقال بعيره, وايضا هي من استعمال العوام, يطلقونها على من (يبكش) بكشا على الناس, ويسمونه (بكاشا), وهي تعني الذي يكذب ويختلق اقوالا غير حقيقية, ليحتال بها على الناس, والبكاش هو الكذاب, وهنا أود ان أناشد مجمع اللغة العربية و(عواجيزه) المحترمين, بأن يمسحوا كلمة (بكش) من قواميس لغتنا العربية الفصحى, تسهيلا على الناس, لأنها كلمة أصبحت متداولة في عالمنا العربي (قولا وفعلا) هذه الأيام, وان يستبدلوها بكلمة اصعب منها - كعادتهم - وفقهم الله, و(البكش) - عزيزي القارىء - انواع, قيل ان فيه الأبيض والأسود, وفي رواية اخرى قيل ان (البكش) له الوان واشكال, لا اعرفها, ولكن من المعروف ان البكاشين كثيرون, وبما انهم كثيرون ومنتشرون في انحاء عالمنا العربي, لماذا لا تستبدل هذه الكلمة في قواميسنا العربية بكلمة (الحريش), و(الحريش) لمن لا يعرفها هي تطلق على الدويبة التي يبلغ طولها نحو عشرة سنتيمترات, والتي لها أرجل كثيرة, ومنظرها مقزز, تشمئز منه النفوس, وتسمى بالعامية (أم اربعة وأربعين), وأقترح ان يمنح هذا اللقب لكل بكاش من البكاشين, كي نستطيع تمييزهم عن غيرهم من غير البكاشين, والغريب هنا ان بعض المعاجم اللغوية العربية منحت هذه الدويبة هذا الاسم البراق, ولم يأبهوا باسم (بكاش) رغم لمعانه وبريقه, الذي يكاد يخطف الأبصار في الأسواق, ويزداد لمعانه في مكاتب العقار المنتشرة في سائر البلاد العربية, وقد كان البكاشون (القدماء) بسطاء يضحكون على ناس بسطاء, كأن يبيع احدهم مسحوقا للناس على انه علاج للمغص المعوي, اما اليوم فهناك رقابة على ما يباع في الاسواق, واصبح الناس (مفتحين), واصبح من الصعب ان ينطلي عليهم (بكش) البكاشين, وبالتالي اصبح من اللازم والضروري ان يتغير شكل البكش, وان يلبس البكاشون الجدد ثيابا جديدة, وأن يخفوا وجوههم بأقنعة تناسب مقتضيات العصر الحديث, فـ(البكش) و(التبكيش) اصبحا من الوسائل المعتادة في التعامل مع الناس في المكاتب العقارية, وفي سوق حراج السيارات ايضا, وبالتالي زاد عدد (البكاشين) في عالمنا العربي, فبعد ان كانوا يعدون بالعشرات, اصبحوا الآن يعدون بعشرات الآلاف, لذا أناشد مجمعاتنا العربية التي اختارت اسم (الحريش) لأم أربعة وأربعين, ان تطلقه على البكاشين, أو تختار اسما آخر لهم, كما انادي القائمين على المعاجم العربية كمعجم الوسيط واللسان والقاموس والتاج ومحيط المحيط وأقرب الموارد والمتن والمنار, ومجمعات المصطلحات العلمية والفنية والهندسية ان يبذلوا قصارى جهودهم في هذه المهمة الصعبة, و(البكش) أصبح يلازم الكثير من الناس في بيوتهم, وفي مدارسهم وفي اعمالهم, ولا أظن ان تغيير الاسم صعب على (عواجيز) مجمعنا اللغوي, فهم بكل اقتدار قد اختاروا اسما عربيا فصيحا - مضحكا - لـ(السندوتش) وسموه (شاطرا ومشطورا وبينهما طازج), صحيح ان هذا الاسم غير مستعمل في عالمنا العربي, ولكن هذا لا يهم, فنحن لا نستخدم كل كلمة تأتينا من عقول (عواجيز) مجمعنا اللغوي العربي, فهم سموا (التلفزيون) مرناة, وسموا (الراديو) مذياعا وسموا (التلفون) هاتفا, وقليل منا يستخدم هذه الألفاظ, المهم ان لا يعجز (عواجيزنا) عن إيجاد اسم لائق لهؤلاء البكاشين, وما عليهم الا ان يعيدوا كلمة (بكش) الى اصلها.. أعني بكش يبكش فهو بكاش, وسيكون الأمر سهلا, وربما انه اسهل من بعض الكلمات التي عربتها قواميسنا العربية, فمثلا كلمة (بعكوكة) هي كلمة عربية فصحى, كدت اظن انها نوع من انواع الطبخات التراثية الأصيلة كـ(المرقوق) او (المطازيز), واتضح لي انها كلمة تطلق على مجتمع من الناس, وايضا كلمة (الحرقدة), ظننتها موقعا من المواقع الحربية القديمة, وتبين لي انها تعني أصل اللسان, وكلمة (الجوسق), ظننتها نوعا من أنواع السلاح, كالمنجنيق, وتبين لي انها تعني بالعامية (الكشك).. اي ذلك المكان الذي يتخذ محلا في الطرقات لبيع الصحف او السلع, فعواجيز المجمع العربي اللغوي هم فطاحل اللغة, وعلى كاهلهم تقوم هذه المهمات الصعبة, التي عجز شباب الأمة عن القيام بها, ولم لا, أليسوا هم الذين أطلقوا اسم (الحرقفة) على عظم رأس الورك, وأطلقوا اسم (الزنجار) على صدأ النحاس, واطلقوا على (الشاورمة) مسمى يحتاج الى ترجمة, وهو (لحم يوضع في سفود كبير دوار ينضج على وهج النار), بهذا قد يحتاج الواحد منا الى مترجم, كي يساعده على شراء (شاورمة) فتخيل - عزيزي القارىء - انك أمام بائع (الشاورمة) وبدلا من ان تقول له: من فضلك اعطني شارومة, تقول له: اعطني لحما يوضع في سفود كبير دوار ينضج على وهج النار.. ربما تجد البائع يضحك عليك ويقول لك: (انت فيه واحد نفر مجنون).. هذا ما اردنا ايضاحه عن البكاش والبكاشين, وبقي ان نوضح شيئا عن الانسان الحلمنتيشي, وما أدراك ما الحلمنتيشي، يعتبر الشاعر الفكاهي الكبير حسين شفيق المصري اول من اطلق اسم (الشعر الحلمنتيشي) على الشعر الفكاهي, وغالبا ما يندس (الحلمنتيشيون) بين الشعراء, فهناك شاعر حلمنتيشي, ويتبعه الغاوون من (الحلمنتيشية) الذين يصفقون له اذا ابتسم او كح او عطس, وبدلا من ان يطلق الشاعر الحلمنتيشي المعلقات الرائعة, تراه (يصجنا ويجلنا) بالمندلات, والمشعلقات, وهي أشعار سخيفة لا وزن لها ولا لون ولا طعم ولا رائحة, كقول الشاعر الحلمنتيشي:==1==
إن كنت حبيبي سلفني==0==
==0==فأنا "ع الجنط "
ان كنت طبيبي عالجني==0==
==0==من هذا "الضغط"==2==
وعموما, ادى ظهور الشعراء (الحلمنتيشيين) على الساحة الى بزوغ طبقات جديدة من أشباه العشراء والمثقفين, وهنا أيضا أناشد (عواجيز) مجمعنا العربي اللغوي, بأن يجدوا كلمة أسهل علينا من كلمة (حلمنتيشي), كي نستطيع ان ننادي بها شعراءنا (الحمنتيشيين) الأفاضل, ونطلب منهم ان يخففوا من ظهورهم على الشاشات الفضية الفضائية, لأننا نود ان نستفيد من اوقاتنا بشيء آخر غير الشعراء الحلمنتيشي!