تتطلع الامم الحية الى ان تشغل حيزا بارزا في المشهد الحضاري من حيث الانجازات، ومن حيث التأثير والفاعلية في المجتمع الانساني بما يحقق الخير والرفاه ومواكبة التطور والتقدم في شتى الميادين. وبما ينشره من قيم العدل والمحبة والسلام بين شعوب العالم اجمع. وهذا لا يتم التوصل اليه الا في ظل تنمية شاملة وتخطيط دقيق يأخذ بالاسباب، ويرسم الاهداف ويوفر الامكانيات ويدعمها بالعمل الطموح والكوادر البشرية القادرة على تحقيق الرؤى، التي ترتفع من خطوط وسطور وامنيات ورغبات على الورق الى حقيقة معاشة وبيان عملي مشاهد على ارض الواقع في تعييناته الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والعمرانية والمعرفية. والجسر الرئيس والمعبر الاساسي والجوهر الصلب الى ارض الواقع. انما يمر من خلال الانسان. موطن الحركة والفعل والانطلاق. لذا كان الرهان الاول يتصل بهذه الخلية والوحدة التي تنبعث منها اجيال كاملة يتحدد بها مصير الامة على خارطة الوجود البشري. اذا المسألة تدور حول (العناية بالانسان) وجعله فردا قادرا على تدشين المستقبل وبناء نهضة شامخة تتميز بها الدولة وتؤكد احقيتها بحيازة أسمى المراتب واعظم النجاحات. ولنا ان نقول ان هذا المسعى لا يأتي من الفراغ ولا يتنزل من الهواء، بل هو مسيرة طويلة ودرب من المشاق على كل امة حية ان تعبرها وتخوض غمارها، لتحصل على ما تريد. من هذه الشرفة، كان التوجه الى التربية بمعناها الشامل والمتكامل والتي تجد في الجيل الناشىء مرادها بتأسيسه على عوامل لها من القوة والمتانة والثقة ما يجعله على درجة من الكفاية للتعامل مع روح العصر والوفاء بمتطلباته وما يستجد فيه من تحديات وما تنهض فيه من تحولات وتغيرات.. ازاء هذا تبدو المدرسة هي المحضن الذي يتشكل فيه الجيل وينبني برؤية تستبق الان.. وهنا نتوجه بهذا الجيل الى المستقبل وبين يديه العدة اللازمة والحصانة الفاعلة وذلك بتزويده بقاعدة معلوماتية وكيفية الوصول اليها وتوظيفها.. وامداده بالتدريب والصقل لينال الكفاءة المهارية. واكسابه الخبرات الميدانية والعملية وذلك في اطار من القيم الفاضلة والاخلاق النبيلة التي تجعل ثمة معنى وهدفا لما نسعى اليه حيث يؤكد خبراء التربية أنه (لا تعليم بلا قيم ولا قيم بلا سلوك يترجم تلك القيم الى ممارسة).. ونحن بحمد الله في هذا الوطن نؤسس لهذا الجيل ونرسي له القواعد الثابتة ونضع له المنطلقات والاصول، ليكون لدينا - بإذن الله - المتعلم المؤمن المفكر المنتج. وما هذا الاحتفال السنوي الذي نقيمه لتكريم المتفوقين ويرعاه صاحب السمو الملكي الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز امير المنطقة الشرقية الا الثمرة الاكيدة على هذا التوجه المشمول بسياسة حكيمة من قادة هذا الوطن - حفظهم الله - تنحاز للمستقبل وتبني له من اجل قيام النهضة المأمولة للبلد ولابنائه في دورة العطاء المستمرة والجهد المتواصل، بقصد ايجاد الحافز وخلق الدافعية التي من شأنها تأجيج الرغبة ودفعها في مسار العمل والانتاج النوعي على نحو فيه من الابداع والابتكار يجعلنا حقا نؤثث مستقبلا آهلا بالنجوم وتتألق فيه ماسة الوطن.. سدد الله على الخير خطانا والله وراء القصد.
مدير عام التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية