تشعر الشركات الامريكية بالسعادة الغامرة لانخفاض سعر الدولار الامريكي الذي يزيد من قدرة منتجاتها على المنافسة في الاسواق العالمية. وفي المقابل تضرر الاوروبيون من ارتفاع سعر اليورو الذي يجعل صادراتهم أكثر كلفة. ومن المتوقع أن يبحث وزراء مالية ما يسمى مجموعة السبع ـ وهي الدول الصناعية السبع الكبرى في العالم ـ التفاوت في أسعار العملات المجتمعون حاليا في فلوريدا ولكن يبدو من غير المرجح بصورة متزايدة إصدار بيان مشترك يساند دعم الدولار ويدعو إلى وقف ارتفاع اليورو. وقبل أيام قلائل من اجتماع (بوكا راتون) على ساحل فلوريدا يبدو وزراء الولايات المتحدة وكندا واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا دون أرضية مشتركة يقفون عليها بشأن هذه القضية. وبدلا من ذلك فإن الموضوعات الرئيسية التي ستطرح على بساط البحث تشمل الانتعاش الاقتصادي العالمي والارجنتين التي تطحنها الازمات وإعادة اعمار العراق. وقال وزراء مالية هذه البلدان إن قضية العملة لن تناقش إلا على هامش الاجتماعات. ولا ريب فإن أسعار الصرف قضية ساخنة. فبينما تكون قوة عملة ما مدعاة لسعادة دولة ما، فإنها تمثل مصدر تعاسة لآخر. وتبرهن سجلات الطلبيات لدى الشركات الامريكية على مدى قوة مبيعاتها في الخارج. ويقول رئيس شركة (تكنيكال ماتيريالز) لصناعة المعادن في ولاية رود أيلاند إن (ضعف الدولار أمر رائع)، معربا عن أمله في زيادة صادراته هذا العام بواقع 25 في المئة. وفيما تلوح الانتخابات الرئاسية في الافق مع مقدم شهر نوفمبر، فإن حكومة الرئيس الامريكي جورج بوش ليست في عجلة من أمرها لوقف تدهور الدولار.
ومن المتوقع أن يسجل الاقتصاد الامريكي نموا صحيا قدره أربعة في المئة هذا العام على غرار منطقة اليورو التي تضم 12 دولة، لكن الرئيس بوش بحاجة إلى اقتصاد قادر على توفير مزيد من الوظائف لتحسين فرصه يوم الانتخابات وضعف الدولار الذي يعني مزيدا من الصادرات ربما يفي بالغرض.
و(المرونة) هي الكلمة السحرية للحكومة الامريكية وهي الكلمة التي يود وزير الخزانة أن يراها في بيان مجموعة الدول السبع في ختام اجتماع (بوكا راتون). ومن ناحية أخرى فإن الاوروبيين يخشون من أن ضعف الدولار ربما يخمد الانتعاش الاقتصادي الاوروبي الوليد حيث سيرفع أسعار صادرات منطقة اليورو. يقول خبراء العملة إنه عندما يتجاوز سعر اليورو 1.30 دولار فإن أوروبا ستبدأ في المعاناة. ويوم الاربعاء تجاوز سعر اليورو 1.25 دولار في نيويورك وطوكيو وأوروبا. وصرح مؤخرا أوتمار إيسنج كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك المركزي الاوروبي بأنه يشعر (بالقلق) إزاء ارتفاع قيمة اليورو بينما ألمح رئيس البنك المركزي الفرنسي كريستيان نويه إلى أن التدخل لخفض قيمة اليورو بات أمرا واردا.
وباستثناء ما صرح به هذان المسئولان فإن رد الفعل الاوروبي ظل يتحلى بضبط النفس لان الجانب الآخر من العملة الاوروبية يظهر مدى الثقة التي يوليها المستثمرون الدوليون في العملة، مما يزيد من ثقة الاوروبيين بعملتهم الجديدة التي تتبوأ مكانتها المرموقة جنبا إلى جنب مع الدولار الامريكي بوصفها إحدى العملات الدولية الرئيسية. وعلى جانب آخر لا تزال اليابان تواصل نهجها في التدخل في أسواق العملة، حيث يشتري البنك المركزي الياباني الدولارات حتى لا يتعرض الانتعاش الاقتصادي القوي لليابان للخطر من جراء قوة الين الياباني إذ تحقق هذا الانتعاش بعد تراجع اقتصادي طال أمده.
ولم تجد الاتهامات الامريكية - بأن اليابان (والصين) تتعمدان خفض قيمة عملتيهما حتى يكسبا صادراتهما ميزة تنافسية آذانا صاغية، على الرغم من أن الامريكيين مارسوا ضغوطا من أجل تضمين البيان الختامي الذي صدر عقب اجتماع مجموعة السبع السابق في سبتمبر الماضي في دبي فقرة عن (ضرورة إبداء قدر أكبر من المرونة في أسعار الصرف). ومنذ ذلك الحين تراجع سعر الدولار أمام اليورو والين. وعلى الرغم من أنه من غير المتوقع أن يجد وزراء المالية فيما بينهم سوى أرضية مشتركة ضيقة بشأن أسعار الصرف لدى اجتماعهم في ولاية فلوريدا، فإن ثمة شيئا واحدا سيكون بمقدورهم الاتفاق عليه وهو أن الاقتصاد العالمي يشهد نموا وأن عليهم بذل كل ما يستطيعون لتشجيع هذا النمو. يقول جون تايلور وكيل وزارة الخزانة الامريكية إن (وزير الخزانة الامريكية جون سنو سيتحدث عن التطور المذهل الذي يشهده الاقتصاد العالمي منذ الاجتماع الاخير لمجموعة السبع في دبي).