DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

راي

راي

راي
أخبار متعلقة
 
ذكرنا في الحلقتين الاولى والثانية أن هناك اوهاما ادارية قد لا يتخيلها او يتصور وجودها الكثير منا، وفسرنا مفهوم كلمة الوهم، ثم قسمنا انواع الوهم في العمل الاداري الى ثلاثة اوهام اساسية حيث شرحنا وهم المعرفة ثم وهم الثقة ونحن الآن بصدد شرح القسم الثالث والاخير وهو وهم القناعة، ومن المهم تكرار التنوية بان مسميات هذه الاوهام قد تختلف لدى البعض ولكن يبقى المعنى واحدا في النهاية. وهم القناعة في البداية ماهو مفهوم القناعة؟ ونقول ان القناعة هي حالة من القبول والرضا يشعر بها الانسان لوضع ما مرتبط به شخصيا ومباشرة فتجعله سعيدا ومسالما. ان اكثر من يصاب بوهم القناعة هم الموظفون الذين خدموا فترات عمل طويلة تحت ظل وظيفة واحدة وبرتابة وروتين في الاداء الى ان تجمدت امكانياتهم وتقلصت كفاءتهم وحبطت طموحاتهم عن اي تطوير او ترق الى ماهو افضل ولظروف نفسية خاصة ضغوط اجتماعية اخذوا بقبول مالديهم من مركز او وظيفة او منصب بانه "اي المنصب" هو افضل ما يمكنهم تحقيقه حسب ظروفهم وامكانياتهم، عليه اقنعوا انفسهم بانهم لن يستطيعوا الحصول على ماهو افضل من ذلك ويعيشوا في دائرة هذا الوهم بمحض ارادتهم وينظموا حياتهم وعلاقاتهم بموجبه.ونود ان نوضح كيف يتعرض او يصاب الموظف بوهم القناعة، ونقول ان كل موظف ايا كانت وظيفته عند بداية التحاقه وخصوصا بالاشهر الاولى يحمل طاقة كبيرة من المحفزات الذاتية تدفعه للعمل بجد ونشاط فوق العادة في سبيل تحقيق التميز الذي يريده لنفسه في الوظيفة والراتب وبقية البدلات،، الخ، "كما شرحنا في الحلقة الاولى" وايضا رغبته لتأكيد حسن التزامه وانضباطه وادائه الى صاحب العمل، على امل النظر لترقيته او زيادته الى ماهو احسن مستقبلا. ويتوقع الموظف في خضم تجربته هذه ان ينال بالمقابل الدعم والتشجيع والثناء والارشاد قبل صاحب العمل لكي يبقى متحفزا ويستمر عطاؤه دون تكاسل او تخاذل وطبعا قد نستغل الفرص ولكننا لا نصنع الظروف المحيطة بنا فقد لا تكون جميع توقعاتنا صحيحة وقد يرى الموظف من صاحب العمل ردود فعل وتصرفات لا تنم عن اهتمام بادائه او شكر له على حسن انتاجه او تشجيعه على مثابرته ومواظبته فماذا يحصل للموظف؟ الجواب بالطبع ردة فعل عكسية او انتكاسة تصيبه بالاحباط والشعور بالتقصير ان لم يكن الشعور بالفشل واللوم. يعيش الموظف بعد ذلك محاولا ان يوازن مابين حقيقة ادائه وانتاجه المندفع في مقابل عدم اهتمام واهمال وقلة تشجيع صاحب العمل، ويبدأ يتحكم في الا يعطي من الانتاج والاداء اكثر مما يأخذه هو من التشجيع والاهتمام!، اي يقلل من ادائه بصفة قهرية وجبرية ونراه ينسحب شيئا فشيئا من دائرة الضوء التي كان يحاول جاهدا من قبل ان يظهر ويبقى بها، كما يقلل من اهتماماته الاجتماعية مع بقية زملائه فلا يشارك بما يدور حوله من امور اجتماعية او نشاطات ترفيهية للعمل او الموظفين. وهو لا يرغب في ان يمارس اية مهمات عمل اضافية ويتهرب منها بشتى الطرق حتى لو كان لديه متسع من الوقت كما لا يقبل ان يتحمل مسئوليات خلاف مالديه من عمل حتى لو كانت قليلة جدا. والموظف الموهوم بالقناعة لو توفرت له فرص للتدريب او التمرين على مهارات عمل جديدة نراه غير مهتم او عابئ لها وقد لا يحضر او يتهرب من حضور الدورات التدريبية حتى لو ارغم على حضورها ولو تم طرح او مناقشة اي افكار امامه او اقتراحات عملية قد تساعد في تطوير العمل وتحسينه نراه اما منعزلا نوعا ما ويتجنب المشاركة او ان فرض عليه ابداء رأيه فغالبا ما يكون رده هومزيج من عدم الاكتراث في المشاركة والسلبية في الرأى. وكلنا نعلم ان الموظف في الواقع الحالي لا يستطيع الانتقال بحرية سريعة بين عمل واخر كيفما يشاء اما لظروف شخصية او نظامية او لالتزامه بعقد عمل واداء او كفالة او التزامات مالية او حتى لاسباب لوجستية مثل عدم رغبته على ترك مدينته والانتقال لمدينة اخرى ومنطقة اخرى خلاف ان الوظائف الجديدة وحتى العادية منها لم تعد متوفرة بسهولة كما في السابق وعلى الموظف ان يبذل مجهودا ومشقة كبيرة في البحث والتقصي قبل ان يحصل علي وظيفة مناسبة له ولاجل هذه الاسباب وغيرها نرى الموظف الذي التزم بوظيفة وبدأ ممارستها وتعرض منذ البداية للاحباط يعيش حيرة هل يستمر في عمله ويحاول ان يتقبل الامر لعدم وجود خيارات اخرى امامه بالرغم من عدم اكتراث واهتمام ودعم صاحب العمل له؟ ام يتمرد على الوضع ويظهر الاعتراض والرفض ويطالب بان ينال حقه من التقدير والاهتمام كباقي الموظفين المقربين وطبعا مع احتمال خسارته لوظيفته بقرار من صاحب العمل اذا لم يعجبه هذا التصرف من الموظف يضغط الموظف على نفسه للاقنتناع بوضعه ويعيش وهم القناعة في اولى خطواتها.ان غالبية الموظفين يترددون كثيرا في هذه المرحلة الحرجة وقد يطول تعايشهم بها ويستمرون في خوضها بهدوء صامت فيما بين انفسهم فلا يلاحظ احد من زملائهم ذلك عليهم او يلمسه منهم لان شعورهم بالحيرة يجعلهم انطوائيين مع انفسهم نوعا ما فلا يناقشون احدا بما يدور في صدورهم اما لخجلهم من اتهامهم بالفشل او لخوفهم من ضياع فرصة تحقيق طموحاتهم وربما خسارة وظائفهم الحالية ولا يوجد ضمان لحصولهم على وظيفة اخرى قريبا او مناسبة لهم.ان طول فترة تعايش الموظف لهذه المرحلة قبل يمتد اشهرا وسنين ونرى عقد عمله يتجدد تدريجيا ولعدة مرات وبنفس المميزات وطبعا بدون تعديل لشروطه كما ذكرنا بالحلقة السابقة ويبدأ صاحب العمل ترسيخ وضع الموظف كما هو "والذي يرفضه الموظف من الباطن ولكنه يؤيده في الظاهر" ولسكوته وصمته يصبح الواقع المرفوض من قبله حقيقة ملموسة لها تاريخ طويل يعد بالسنين التي مرت به ويبدأ هو بتبرير عجزه هذا باقناع نفسه بانه لن يحقق افضل مما حققه حتى لو حاول فلماذا المخاطرة فيأخذ جانب الحيطة بالصبر والسكوت على ماهو عليه وذلك ما نعنيه بـ "وهم القناعة" ويستمر الموظف بالعمل ولكن بكفاءة وانتاجية اقل من المعدل الطبيعي "بالرغم من مقدرته على العطاء اكثر" ويستمر بالتذمر والشكوى الدائمة. نستطيع تمييز الموظف الذي يعيش وهم القناعة من خلال علامات نراها في واقع حياته العملية نذكر بعضها للتنويه فقط وليس للحصر: ـ تكون سنوات خدمته طويلة قد تتجاوز خمس سنوات واكثر. ـ يمارس نفس الوظيفة والمسئوليات بدون تغيير في السنوات الخمس الاخيرة. ـ يتذمر بانه لم يحصل على اية تعديل مادي او معنوي جيد لوضعه منذ مدة. ـ معدل تقييم ادائه السنوي عادة ما بين (55 الى 65%) ولا يتجاوزها. ـ استمراره على نفس نقاط الضعف الضعف في التقييم الدوري ولسنوات عديدة. ـ غير مكترث ولا يحضر أية نشاطات اجتماعية او ترفيهية يقيمها صاحب العمل (نوع من التمرد) وغالبا ما يقدم اعذار غير مقنعة لتبرير عدم مشاركته او حضوره. @ وفي الحقيقة ان الموظف الذي يقع ضمن تأثير وهم القناعة هو في الغالب غير منتج وغير فعال حسب ما ينبغي بالمفهوم الاداري، وان استمراره وبقائه على نفس الوتيرة بالعمل ومع مرور الزمن يزيد من عبء مصاريف التشغيل ما لم يتم اخراجه من تأثير هذا الوهم واعادته الى طبيعته، ولا يتحقق ذلك الابتطبيق مفهوم ونظام التطور والارتقاء الوظيفي" يعتبر احد اهم ركائز الموارد البشرية لدى كثيرا من القطاعات العملاقة والدولية حاليا، وهو ايضا يحارب بضراوة وجود او استفحال وهم القناعة في العمل الاداري، وقد نتحدث عنه في المستبل ان شاء الله. ختاما نرجو ان نكون قد وفقنا في توضيح الجانب الخفي من الاوهام الادارية لكثير من المتعاملين مع الادارة، وتأكيد وجودها والتنبيه عليها والحرص اثناء التعرض لها والتعامل معها، كما نعتذر للقراء الكرام ان كنا قد قصرنا في اعطاء كل التفاصيل عن طرحنا هذا، ونأمل الالتقاء معكم بمواضيع ادارية جديدة مستقبلا، حفظكم الله والسلام.