زائر من كوكب آخر، هجوم ارهابي ، مادة سامة، فيروس ام انثراكس؟ ما حقيقة ما يكمن وراء سر الطفح الجلدي الغامض الذي بدأ يصيب تلاميذ المدارس الامريكية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ويستهدف البنات اكثر من الاولاد ؟
الاطباء يواجهون صعوبة كبيرة في تشخيص المرض. ولكنهم يتهامسون فيما بينهم عن احتمال ان يكون ناتجا عن هستيريا مرضية تداهم امة اهتزت قناعاتها وثقتها بنفسها وعجزت عن الوصول الى المتهم ؟ فمنذ الخريف الماضي لم تعد ساحات المدارس الامريكية كما كانت عليه قبل الحادي عشر من سبتمبر. ففي اكثر من عشرين مدرسة ابتدائية ومتوسطة عبر الولايات المتحدة بدأ التلاميذ يصابون بطفح جلدى غريب يختفي بمجرد مغادرتهم المدرسة ثم يظهر مع عودتهم اليها. السلطات الصحية الفدرالية والولائية التي حاولت ايجاد تعليل لهذا المرض بدات تشعر بالقلق والاحباط لانه لا يشبه اعراض أي مرض بكتيري او فيروسي.كما ان التلاميذ الذين يصابون به لا تظهر عليهم أية اعراض اخرى سوى الطفح الجلدي. لا حمى ولا زكام او صداع. لا آلام في المفاصل او مشاكل في التنفس.
والاغرب من كل هذا ان هذا الطفح لا ينتقل الى آبائهم وامهاتهم واخوانهم واصدقائهم خارج المدرسة مما يعني انه غير معد. ومع ذلك يظهر بشكل متزامن على اعداد كبيرة من التلاميذ أو خلال عدة ساعات من بداية ظهوره. وليس بعد ايام او اسابيع كما هو الوضع المعروف في حالات انتقال الامراض المعدية من شخص الى آخر.
في العديد من حالات الانتشار المفاجئ للطفح الجلدي يكون عدد البنات اكثر من عدد الاولاد المصابين بعدة اضعاف مما يزيد الامر غرابة. لان الامراض كما هي معروفة سواء كانت بكتيرية او فيروسية لا تعرف التفرقة بين الجنسين.
فحوص الدم التي اجريت لعدد كبير من الاطفال استبعدت الاتهام الذي خطر لدى الاخصائيين لفيروس يسبب نوعا من الطفح الجلدي الخفيف يسمى المرض الخامس. كما ان التقصي والمراجعة البيئية للمدارس التي تنتشر فيها تلك الحالات لم تشر الى وجود أي مخاطر كيميائية او بيولوجية.
وسائل الاعلام اطلقت عليها الطفح الغامض the mystry rash اما أخصائيو علم الامراض فلم يجدوا غير المزيد من الحيرة. ولهذا فان الاتجاه العام حاليا يتجه الى ما يعتقد انه حالة ناتجة عن الشعور باعراض ارهاب بيولوجي. الكابوس الذي ينهب عقول الامريكيين على مختلف المستويات منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر.فنفس هذه الحالات لو حدثت في وقت سابق ماكانت ستحظى بكل هذا الاهتمام والخوف.
استقطب الحادث نقاشا واسعا عبر الانترنت. فهناك من قال انه مسحوق كيميائي تدفق من طائرات. وقال البعض انه هجوم ارهابي.ولما كانت مثل هذه الحالات الغامضة تمثل مناخا خصبا للاصطياد في الماء العكر فهناك من سارع من اعداء الاسلام الى الزعم بانه نا تج عن كتب حول الاسلام وهو ادعاء لا يستند الى أي تبرير منطقي سوى العداء الذي يريد البعض زرعه ضد والاسلام بين الامريكيين واستعداء المواطن البسيط بعد ان فشلت محاولات اقناع المفكرين والبرلمانيين.
في الماضي لم تكن حالات الطفح الجلدي تستلزم اجراء تحر واسع من المراكز القومية للسيطرة على الامراض ومنع انتشارها كما انها لم يحدث ان دفعت الفا من الاباء والامهات لحضور اجتماعات اولياء الامور كما حدث في كويكرتاون في ولاية بنسلفانيا مثلا .وبعد الحادي عشر من سبتمبر اصبح أي طفح جلدي او مرض عضوي غامض يثير قلق الناس ويفقدهم السيطرة على عواطفهم.
البعض ذهب الى ان هذا القلق وكوابيس الخوف التي يغذيها السياسيون والعسكريون الامريكيون ووسائل الاعلام المغرضة بجرعات اتهامات ومزاعم يومية غير مؤسسة هي التي تسبب مثل هذه الحالات الغامضة. وهناك من يقول ان الحكومة تخفي شيئا خطيرا لا تريد ان يعرفه الناس.
وربما يكون الاطفال هم الذين وقعت عليهم ضغوط وتاثيرات الحادي عشر من سبتمبر اكثر من غيرهم. فقد كشفت دراسات اجريت على الاطفال الامريكيين بعد تلك الاحداث انهم ظلوا ولعدة اشهر بعدها يعانون من الكوابيس وصعوبات في النوم.وقد تكون تلك الكوابيس تطورت لتعبر عن نفسها في شكل طفح جلدي وحكة. كانت هذه الحالة الغريبة قد لوحظت لاول مرة في ولاية انديانا في الرابع من شهر اكتوبر الماضي. وهو اليوم الاول الذي اذاعت فيه وسائل الاعلام خبر اصابة رجل في فلوريدا بالانثراكس. لم يعرف في ذلك الوقت حجم هجوم الانثراكس. او من وراءه او اين سيظهر في المرة التالية.
ظلت المدن الامريكية على مدى فصل الخريف تتعرض لوابل من التحذيرات وبلاغات التخويف من مصادر غير معروفة. وتزايد الحديث عن وجود مسحوق ابيض مجهول وحدثت عمليات اخلاء واسعة للمنازل والمكاتب وقاعات الاجتماعات.
بعد ولاية انديانا انتقل انتشار الطفح الجلدي الى ولاية فرجينيا الشمالية في مدرسة متوسطة وتم تفتيش وفحص المبنى ولم يوجد أي تفسير لما حدث. وتبع ذلك تنامي امتناع الاطفال عن الذهاب الى مدارسهم.وقالت موظفة تعمل في البريد ان ابنتها خائفة من أن تكون جهة ما وراء ما يحدث.
خلال اجازة المدارس الشتوية اختفت ظاهرة الطفح الجلدي لكنها عادت مع عودة التلاميذ للمدارس في شهر يناير وفبراير وبصفة خاصة في ولايتي بنسلفانيا واوريجون. وكتب مسئول التعليم في احدى المدن الى اولياء الامور يخبرهم بان جميع الاحتمالات قد فحصت ولم يعرف السبب ويطلب منهم المساعدة في اعادة الطمأنينة والاستقرار للمجتمع.
الا ان اخبار انتشار المرض زادت في وسائل الاعلام وانتقل الى مدن ولاية ماساشوتس وولايات اخرى. تلاحظ ايضا ان لون واشكال الطفح تختلف من مدرسة الى اخرى. ومن الاولاد الى البنات. بعضها في شكل احمرار او تكورات بنية اللون. واخرى في شكل جفاف جلدي او حروق شمسية. المسئولون الصحيون الذين قاموا باستقصاء الحالات عن طريق مقابلة الاطفال والوقوف عليها ميدانيا عادوا وهم اكثر استغرابا وذهولا. فقد لاحظوا ان الطفح يظهر امام اعينهم ثم يختفي. ثم يعاود الظهور فجأة في مكان آخر. ويختفي منه ليظهر في غيره على جسم الطفل. وكان من بين الـ67 طفلا الذين اصيبوا به في احدى ا لمدارس 62 بنتا.
قام خبراء الصحة بمراجعة جميع الاحتمالات لانواع متعددة من الامراض.ونظفوا خطوط امدادات المياه والغاز وفلاتر المواقد وفحصوا جزئيات الفايبرجلاس في الهواء ومركبات مكافحة الحشرات المستخدمة في الفصول والميادين والحدائق المجاورة وحتى المواد التي يحضرها الاطفال معهم من منازلهم لحصص النشاط. ولم يكن أي منها مسببا لهذه الحالات.
وتمضي التساؤلات عن الاسباب ولماذا البنات اكثر من الاولاد؟. ولماذا يختفي فجأة؟ هل لان الطفل ينسى فيتوقف عن حك موضع الطفح او الانصراف عنه للحديث في موضوع آخر؟ هناك تساؤلات عن ان الحالة ربما تكون سايكولوجية جينية(سايكوجينتك) ادت الى الاصابة بنوع من الهستيريا بينما استبعدها آخرون وراوا من الافضل عدم التفكير في هذا الاتجاه لان الهستيريا دائما شيء من صنع الانسان نفسه. ليندسي اندرسون تلميذة في احدى المدارس في الصف الرابع اثناء خروجها في حصة الفطور لاحظت تجمعا من البنات امام مكتب الادارة. بينهم ست طالبات من الصف السادس احداهن اختها بريانا. اصبن فجأة بطفح جلدي وحكة.
في الكافتيريا اخبرت زميلاتها بما حدث وتلقين توجيهات بان لا يقمن بحك موضع الاصابة حتى لا ينتشر الطفح ويصبح اكثر ايلاما.
لكن لم يمض وقت قصير حتى بدأن يهرشن اجسادهن ثم لاحظت ليندسي ان الطفح انتشر على جسدها هي ايضا وكذلك بقية البنات.وبنهاية اليوم الدراسي كان قد اصيب خمسون من التلاميذ.
وسائل الاعلام واصلت نقل الاخبار التي يتابعها الاطفال وذووهم.كثر الحديث عن وجود علاقة بما حدث في الحادي عشر من سبتمبر.وسرت اشاعات بان الانثراكس قد يكون انتقل الى المدارس واشيع انه اذا اصيب به شخص ينتقل عن طريق اللمس للآخرين. ويهمس اطفال عن وجود احتمالات اخرى فقد شاهدوا بعض ضفادع الاشجار التي تغطس احيانا في مياه الصرف الصحي حول المدرسة في اليوم الاول لظهور الاعراض. مازالت الحيرة تقلق الجميع الذين لاحظوا ان الطفح يختفي تماما بعد عشر دقائق او اقل من مغادرة الاطفال المدرسة.وعندما اخليت مجموعة من الاطفال في حافلات وسيارات اسعاف ظهر الطفح على مجموعة اخرى.
ففسره البعض بانه ربما يكون نوعا من الغيرة لما حظيت به المجموعة الاولى من رعاية واهتمام. كما ان القلق والتعاطف مع زملائهم ربما يكون مسئولا عما يجري. ان احدا لم يعرف السبب حتى اليوم والشيء الوحيد المؤكد هو ان هذه الحالات الغريبة ظهرت بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر . مصدر الجارديان ويكند 31 من اغسطس