تختلط الصورة على زائر قرية البطالية، حيث سيعتقد ان مدرسة القرية الابتدائية هي سجن، فهي محاطة بسور تهاوت معظم أجزائه، واستبدل السور المتداعي بشباك للمزارع، وبعد ما تجاوبت إدارة التربية والتعليم بمحافظة الأحساء مع مطالب رفعها الأهالي عبر (اليوم) مع المشكلة، وضعت شباكا رفيعة، استغلها الطلاب للتسلق والمرح، وأصبحت هي بحد ذاتها خطرا آخر عليهم.اختلاط الصورة يجعل المدرسة ـ كما يؤكد الأهالي ـ تتحول إلى ما هو أسوأ من الخرابة، التي لا تعرف أن أردت أن تدخل إليها، وجهتك للفصول، أو للإدارة، أو لدورات المياه، وللطلاب فيها مخابئ سرية، وطرق يتسللون من خلالها، إذا تأخروا أو ملوا من المدرسة، أو إذا تأخر عليهم معلم الصف.بعض الأهالي يطلقون على المدرسة (غابة البطالية)، لوجود أشجار يبلغ سمك سيقانها 50 سنتيمتراً، ويتخذ بعض طلاب المدرسة الـ 254 من غصونها المتينة وسيلة للهو واللعب في الفسح وأوقات العطل أيضاً.
وكانت المدرسة تحوي فصولاً قديمة، تمت إزالتها، لتصبح أماكنها فارغة، وأكد الدفاع المدني بعدما عاين المدرسة أنها غير صالحة للدراسة، كما أرسل خطاب من محافظة الأحساء إلى إدارة التربية والتعليم، يؤكد على إخلائها.
وتوجد معاملة خاصة ببناء المدرسة لدى إدارة التربية والتعليم بالمحافظة، على ان مساحة المدرسة 500 متر، من اصل 23 ألف متر مربع، هي مساحة الأرض، وهذه المساحة كافيةُ لبناء مدرستين، تحتويان على جميع الخدمات. إلا ان المعاملة تعطلت، بسبب عدم توفر الاعتمادات المالية.
ويشكو المعلمون من وضع المدرسة، فالغرفة الخاصة بهم بنيت بجهودهم الذاتية، وسقفها من (الشينكو)، وغرفة الرياضة والفنية بنيت أيضا بجهود أحد المدرسين، وفي المدرسة كلها لا توجد إلا دورة مياه واحدة للطلاب، وأخرى للمدرسين، والدورات الأخرى متداعية وأبوابها مخلوعة، أو مكسرة، وحنفيات المياه معدومة، ولا توجد برادات، كما أن أفنية المدرسة ترابية، تحتوي على جحور، يخشى من وجود عقارب وأفاع فيها، بالإضافة إلى الفصول التي لا تشجع الطلاب على الدراسة، لقدمها ووضعها السيئ. كما ان الكتب في مخزن المدرسة تتعرض للتآكل، لوجود حشرات صغيرة فيها.
حاولت (اليوم) استطلاع وضع المدرسة من الداخل، إلا ان مديرها رفض بشدة، معتبرا الأمر هيّنٌا، ولا يستحق العناء، أما المدرسون، فرحبوا بالفكرة، واعتبروها خطوة قد تمهد لحل مشكلتهم التي استمرت طويلاً.
ويقول إبراهيم الفوز عن الأخطار المحدقة بالمدرسة: يكفي ان ترى الأطفال يتسلقون تلك الشباك العالية، التي زادت وضع المدرسة سوءاً، فبدل ان يعيدوا بناء السور وضعوا شباكاً متينة، تشجع الطلاب على العبث بها، ولم يتغير شئ آخر داخل المدرسة، حتى ان المدرسة تعد أسوأ مدارس القرية، فأغلب الآباء يشتكون من إهمال المدرسين لأبنائهم، ووضع المدرسة جعل حتى المدرسين يهملون في أداء واجباتهم، ويفتقدون الصرامة مع الطلاب، وأكثر الآباء يرفضون ان يدرس أبناؤهم فيها، وبعضهم اخرج ابنه منها، وادخله في مدرسة أخرى في القرية، حتى أنني شخصيا أفكر ان انقل ابني منها.
ويقول محفوظ إسماعيل: كثيرا ما سمعنا ان إدارة التربية والتعليم اتخذت قرارا ببناء المدرسة، وكل سنة يقولون سينهون إجراءات البناء، ويستأنفون العمل في العطل الصيفية، وهكذا تعاقبت السنوات، ولم نر أي تحول أو تغير ملحوظ، مع وجود احتياج للمدارس في القرية، فمدارس البنات كلها مستأجرة، لا ترقى الى مستوى المدارس الأخرى الموجودة في المدن.
أما تاج الهاشم فيستبعد فكرة إدخال ابنه في هذه المدرسة، حتى ان لم يبق إلا هذه المدرسة، لسمعتها السيئة في رداءة بنائها.. مضيفاً: كثير من المعلمين نقلوا منها، لعدم توفر الأجواء التعليمية فيها، فهي لا تمكنهم من أداء واجبهم فيها على أكمل وجه، بسبب الفوضى العارمة، التي تجاوزت تأثيراتها البناء إلى السلوك، حتى ان بعض المدرسين فضلوا المدارس البعيدة على هذه المدرسة، التي تعد قريبة من منازلهم، بمن فيهم المعلمون من أبناء القرية أو القرى القريبة من قريتنا.
كما أخرج محمد علي المقرب ولده من المدرسة، خوفا على مصلحته، يقول: يفترض ان يبادر الكثير من الآباء إلى إخراج أبنائهم منها، لأنها ليست مناسبة لتكون مكاناً للتعليم، ولاحتى مكاناً يجلس فيه الإنسان، ففي الصيف تتحول إلى فرن، وفي الشتاء، حين يهطل المطر يتسلل إلى الفصول، والمياه الصالحة للشرب مفقودة، والفصول ضيقة، حتى المراوح لا تعمل بشكل جيد.
ويستغرب الأهالي عدم تحرك إدارة التربية والتعليم في حل المشكلة، مع علمها بالخلل الكبير الموجود في المدرسة، حيث رفعت لها إدارة المدرسة الكثير من الخطابات، متضمنة المطالب الناقصة، ولكن دون جدوى.