في عموم (ملامح) المنشور يوم الخميس بتاريخ 5/9/2002م أطل علينا الأستاذ القنيعير بمقاله بعنوان (الشيوخ أبخص)، وما استوقفني للكتابة حول ذلك المقال هو محاولة الكاتب اخراجنا من دائرة الزمن والقذف بنا إلى غياهب التاريخ. فعلى الرغم من أن المقال كان يفتقر الترابط اللغوي بين جمله وأيضا تبعثر أفكار صاحب المقال إلا أن الفكرة العامة للمقال كانت واضحة وصريحة.
والشيء الذي دفعني للرد على ذلك المقال أو بالأصح أقول إن مشكلتي مع ذلك المقال التي دفعتني للتعليق عليه هو الشعور بالخيبة الشديدة بعد قراءتي للمقال ولعدة مرات. ومصدر تلك الخيبة هو ذلك النكوص الذي كان سمة وفحوى مقال سطره أحد أبناء هذا الوطن الذين أحسبهم أمناء عليه وهم كذلك إن شاء الله.
الوطن الذي يعيش الآن طورا جديدا فرضته ظروفه الديموغرافية والدولية. وكم كان حريا بكاتب المقال أن يواكب في مقالة هذه المتغيرات وذلك بأن يكون طرحه تفاعليا يعكس رغبة وحرص المواطن السعودي في تحمل مسؤولية خدمة الوطن مع قيادته.
ففي الوقت الذي تسعى فيه مختلف الحكومات والشعوب في العالم الى مواءمة دالة الزمن والأحداث لكي يكون لها موقع مؤثر في عالم متغير يزداد تعقيدا يوم بعد يوم فإن المملكة لا تختلف كثيرا عن الآخرين في ذلك بل إن (الحالة السعودية) تعتبر حالة فريدة ونادرة على خارطة العالم منذ قيامها على يد المؤسس عبدالعزيز رحمه الله.
ولأن المستقبل يحمل الكثير لهذا الوطن ـ سلمه الله ـ كان حريا بالاستاذ القنيعير أن يتجاوب بواقعية مع الأحداث لا أن يبسط الامور بمقولة (الشيوخ أبخص) والتي لم تأت بجديد خاصة اذا علمنا بكثرة استخدام تلك الجملة في المجالس الخاصة. فالمجتمع السعودي بمختلف شرائحه وحتى الاخوة الوافدين يدركون تماما حصافة وحنكة وحكمة القيادة السعودية. يشهد على ذلك مائة عام من سلامة القرارات المصيرية التي أثبت التاريخ صوابها، لذا فالاستاذ القنيعير لم يأت بجديد ولكن ما يؤخذ عليه هو هذا التراخي الذي يدعو له الاستاذ القنيعير في ذلك المقال وبث روح التقاعس والتخلي عن حمل المسؤولية.
والقيادة السعودية منذ قيامها وحتى الآن مازالت تجد في شعبها السند القوي الذي يشد من عضدها. واذا كان الاستاذ القنيعير يعلم ان الملك عبدالعزيز رحمه الله كان يحيط نفسه بمجموعة من المستشارين الأكفاء الذين كان يرجع اليهم كلما اقتضت الحاجة إلا أنني أشك في أن يكون الاستاذ القنيعير على علم بأن الملك عبدالعزيز رحمه الله كان دائما يدعو لانعقاد ما كان يعرف بالجمعية العمومية في أوقات الأزمات والملمات والتي كانت تشكل مختلف شرائح المجتمع السعودي في ذلك الوقت. ومازال القادة في المملكة على ذلك النهج مع اختلاف الوسائل والوسائط. فالقيادة السعودية الآن حريصة أشد الحرص على التداول والتشاور مع مختلف شرائح المجتمع السعودي فيما يعود بالفائدة على الوطن وحفظ أمنه وسلامته.
هنا وختاما لهذا الرد البسيط أقول للاستاذ القنيعير بأن (الشيوخ أحرص) وأنت أبخص ولك وللجميع التحية والتقدير. ودمتم.
ناصر قيدار