اصل التطير (التشاؤم) كما يقول الجاحظ، مأخوذ من الطير حين يمر سانحا او بارحا، فكان زجر الطير هو الاصل (ولإيمان العرب بالطيرة والفأل عقدوا الرتائم (جمع رتيمة) وهي أن يعقد الرجل إذا أراد السفر غصنين ويقول : ان رجع وهما على حالهما كانت زوجته محتفظة بوفائها وإلا فلا).
وكذلك عشروا تعشير الحمار (والتعشير هو ان ينهق الحمار عشر مرات متتالية) اذا دخلوا القرى، لان ذلك يجلب الفأل.
(وللطيرة سمت العرب المنهوش بالسليم والبرية بالمفازة ، وكنوا الأعمى أبا بصير والأسود أبا البيضاء وسموا الغراب بحاتم اذ كان يحتم الزجر به على الأمور).
ويتطير العرب من الغراب لسواده، وبأنه ليس شيء من الطير أشد على ذوات الدبر من إبلهم من الغربان).
هذه المقتطفات التراثية تضع بين يديك أشياء كثيرة، بعضها يمكن ان يكون معقولا، اما اكثرها فهو مجرد اوهام خرافية، ولكننا نجد ان هذه الاشياء الخرافية اشد تأثيرا في الثقافة من غيرها.
من وداعة الغراب أنه لا يمكن ان يقرب نخلة غير (مصرومة) فهو ليس طيرا عابثا او مخربا. ان النخلة اذا صرمت فقط جاء المسكين ليلتقط ما بقي في ليفها وسعفها، ولكن اسيادنا العرب لم يقدروا هذه العفة الغرابية ، بل لاحظوا عدوانه على الإبل المدبرة. أليس هذا ظلما؟
غير انه يمكن تعليل ذلك بأن الابل اهم ما يعتز به العرب من المال من سائر المواشي، واعتداء الغراب عليها وهي مصابة يورث الحقد عليه، وهذا الحقد باستمرار الزمن تحول الى التطير والتشاؤم.
ومع ذلك فهناك منذ العصر الجاهلي من يعتبر التطير من الغراب جهلا واستسلاما للخرافة، فهذا أحد الشعراء يقول:==1==
ومن تعرض للغربان يزجرها==0==
==0==على سلامته لابد مشئوم==2==
ويقول شاعر آخر :==1==
بشر الظبي والغراب بسعدى==0==
==0==مرحبا بالذي يقول الغراب==2==
إذن فالغراب بشير، والبشير فأل مفتوح.