عندما يصير الماء ثلجا وتتكون من الجليد الجبال الشواهق في داخل الإنسان .. تكون الحياة قاسية ومملة بطعم الهدوء الى حد الكآبة , والصخب يرفع عقيرته احتجاجا على تداعيات الألم , يقول بعض من عاش في منعطف الزمن البريء(ان الصمت حكمة) وتقول بشائر الصراخ حكمة أيضا , وقابل الصياح بالصياح تسلم..
أم الكبائر تحب الظلام .. رومانسية تلعب على أوتار تعذيب الآخرين .. تعبت بأزمنة الهدوء تنادي بهذا اللقب في الظلام قبل ظهور القمر وأحيانا وقت السحر .. وقت الأنين .. يطلق عليها زوجها(السعيد) بجزء من رومانسيتها المتلاشية ( العنكبوت) ويدللها بهذا اللقب:
يا عنكبوتة حياتي!
.............!
يا عنكبوتة الزمان المتلاشي!!
شكرا يا اخطبوط البحر .
وقع على مسمعي هذا اللقب كقضيب متجمر من نار الحقد , والشك يملأ فؤاده .. تمزقه الحسرة على تعاسة البيت وكآبة الحياة ,, يغرز نظراته في جسدها العنكبوتي .. يضع شبكته حول عنقها .. يخنقها بحبل الصمت حول جسمها الممتلئ غضبا .. يتبدلان الشكوك حول الألقاب ..وتقليب دفاتر الزمن .. والحياة تدور كمطحنة تسحق الأيام المتجعجعة .. المشاكل ملح الحياة إذا تخللتها الدعابة والمرح .. الا في هذا المنزل تتحول المشاكل فيه الى الادمان ..لا يمر يوم الا بمشكلة ولا تمر ساعة الا بمشكلة ولا تأتي الا بالتضخم والترف في السباب . حتى أنني سمعت من جارتها تحدثني ذات مساء عنكبوتي التي تشاركني بعض الملامح بانها تقول دواهي تقول عنك انك تتكبرين عليها بالزيارة وأن مقامك أكبر من مقامها بالآف الليالي وان أثاث البيت قديم جدا.
وأردفت جارتها انها اتصلت بأم سعاد العرجاء لتخبرها بآخر الأخبار ..والمشكلة التي أضرمت نيرانها بين أم الدواهي وصالحة ليلة أمس.
نظرت الى أختي المطلقة ورفعت يدها أمام وجهها وكممت فمها محذرا ومتوعدا الخوض في الوحل الذي لم تشرق عليه شمس الإنسانية ذات يوم .. تتصاعد منه عفونة لزجة تتهرب منها الأنوف الضيقة , ومن اللعب في الشبكة التي نصبتها ( العنكبوت) ام الكبائر!!
بشائر تبتسم للنواظر لها ... وجميلة عندما تكون هادئة .. وتحمل قلبا عطوفا .. تحب الأخطبوط الذي اذا دخل بيته يصير نعجة شوهاء .. تبتسم له عند نهاية كل شهر .. عند استلام الراتب ..وإذا دخلت السوق للتبضع ... وما عدا ذلك تكنى بأم الكبائر!!جمالها يثير أسئلة جوفاء غبية طابعها ( اللقافة) تحتمل البراءة.
تتربص بها الأعين ويتعقب خطواتها المجتمع ..طلاقها احدث فجوة بينها وبين أولئك الفارغين الفارهين بامتلاك الفراغ الذي تتقاطر منه النقم .. وفي غفلة من الزمن عندما أغمض الدهر عينيه أسرت بكلام للتي كانت تشاركني المسكن ومنه (لماذا يتربص بي المجتمع وانا حلقة وصلة ذات يوم ... لماذا يكرهون تصرفاتي وأنا البشر لهم .. لماذا يشنقون في دواخلنا الحرية .. أنا أعلنت الحرب على الأفكار الفارغة والتساؤلات الغارقة في أوحال الغباء واللقافة ..وكلام كثير .... هذا جزء يسير.. وغيض من فيض...