جانس ماينر فورت عثرت على جدها الأكبر في احدى وثائق السجن ـ كان اسمه على لائحة ممتلكات خسرها مالكه في رهان.
تقول جانيس: لا حاجة لأقول لك انني اطلقت صرخة مدوية، الاكتشاف كان ماحقا ومنعشا في نفس الوقت: عبد زنجي معين، اسمه والتون وعمره 26 سنة وبشرته سوداء.
معنى ذلك ان جانيس عثرت على عبد آخر في شجرة عائلتها. الناس يبحثون عن جذورهم في العبودية منذ عشرات السنين وازدادت رحلات البحث أكثر بعد المسلسل التليفزيوني "جذور" للروائي اليكسي هايلي في العام 1977م. وكثيرون يبدأون اقتفاء أثر جذورهم على أمل العثور على زنجي أفريقي يقودهم الى العثور على رابطهم في أفريقيا الوطن الأم.
وتقدم الجمعية الدولية لأبناء وبنات الأجداد العبيد "أدوات البحث كالقاعدة المعلوماتية عن العبيد والروايات الشفهية والصور القديمة والمعطيات الاحصائية وشهادات الميلاد والوفاة. وتقدم عدة جماعات أخرى المساعدة في أبحاث الأشجار العائلية. إلا ان هذه المنظمة التي تتخذ م شيكاغو مقرا لها تتخصص في التحدر من العبيد والانتماء اليها يحتاج الى وجود صلة مؤكدة مع أحد العبيد.
وتساعد المنظمة المرشحين للعضوية على البحث في وثائق ومستندات قديمة ومهترئة وغير كاملة يمكنها ان تحتوي على قطع من الأحجية، كاسم عائلة وعمر وثمن بيع او شراء العبيد.
وقد يكون تتبع الجذور الى مرحلة الرق والاستعباد صعبا فغالبا ما كانت العائلة تتفرق عند منصة المزايدة ولم يكن العبيد يحملون اسم عائلة ثم ان اسماءهم كانت معرضة للتغيير.
ويقول تشارلز بلوكسون، خبير تاريخ السود في جامعة تمبل في فيلادلفيا ان البحث عن الجذور تحد هائل، ولكن في معظم الحالات هناك ضوء في نهاية النفق.
جانيس سافرت من شيكاغو الى ايوتاو في الأباما للقيام بالبحث وعثرت على وثيقة تعود الى العام 1856 حملت اسم جدها الأكبر والتون ومالكه، وهو شخص اسمه ماينر ـ كنية جانيس قبل الزواج. وقد دلت أبحاث جانيس ان جدها تزوج مرتين وأنجب ثمانية أطفال على الأقل.
وتقول جانيس: لقد رفعته من الصفحة، انه ليس مجرد اسم آخر على شهادة ميلاد او شهادة وفاة. لقد أصبح شخصا "حقيقيا".
ولقد سبق لجانيس التي انضمت الى الجمعية منذ عدة سنوات ان عثرت على عبيد آخرين في خلفيتها. وقد بدأت البحث بطلب من والدها الذي نشأ وهو يسمع قصصا عن طفولة والده البائسة التي أمضاها في احدى مزارع الاباما.
وكانت شقيقة جد جدها الأكبر ماريا هيد، تروي قصصا عن اختطافها من والديها عندما كانت طفلة في مدغشقر. وقد عثرت جانيس على وصية مالك ماريا هيد والتي تبين انه اشتراها في موبايل بالاباما بعد فترة قصيرة من وصولها على متن سفينة عبيد آتية من مدغشقر.
وتقول جانيس: اعتقد انه لو قيل لنا ان أجدادنا كانوا أقوياء وأناسا عظماء لما كانت هناك مسائل عنصرية مثلما هو موجود اليوم.
روبرت وليامز، من شيكاغو يفتخر لمعرفته بان صلة قربى تربطه ببنجامين بانيكر، العالم العصامي الذي علم نفسه بنفسه والذي شارك في رسم خريطة مدينة واشنطن العاصمة سنة 1791. وقد اكتشف وليامز علاقته ببانيكر من الوثائق الحكومية والأناجيل العائلة والكتب التي تتطرق الى بانيكر والروايات المتوارثة شفهيا عبر الأجيال وهو اليوم عضو في الجمعية ايضا.
ويقول وليامز، الحفيد الأصغر الرابع لبانيكر: "انك تشعر باعتزاز عندما تكتشف انك قريب لشخص له علاقة محددة مع التاريخ الأمريكي.
وقد اكتشف وليامز ايضا على عبد مولود في أفريقيا في عائلته ـ جد بانيكر لأمه. وهو يقول: لو لم يكن بنجامين بانيكر مشهورا لما عرفت شيئا عن العبد الأفريقي. هؤلاء الناس شاركوا في بناء هذا البلد وإثراء هذه الأمة.
لقد ازداد الاقبال على البحث عن صلة العائلات بالرق مع تنامي الجدل حول المطالبة بالتعويضات عن سنوات العبودية. وهناك ثلاث دعاوى تعويض فدرالية تتهم شركات معينة بالاستفادة من تجارة العبيد. ويرى البعض هذه الدعاوى بداية موجة شكاوى للمطالبة بالتعويض.
المعلمة السابقة باتريشيا بيردن كانت تتحاشى مشاهدة الأفلام وقراءة الكتب التي تتناول موضوع الرق اذ كانت لا تستطيع تحمل الإذلال والحزن والوحشية التي ينطوي عليها. الآن كما تقول، تملك القوة الكافية لتغرق نفسها في ذلك التاريخ.
وتقول بيردن: أريد ان أعرف وان أظل أفهم واتغلب على الأذى والآلام لان شعبنا مر بها كلها. اننا لا نئن ونبكي ونقول: انظروا ماذا فعلوا بنا. نريد ان ننظر الى شعبنا بطريقة لنمجدهم ونكرمهم لكي نشعر بارتياح لصمودهم وبقائهم.
تعود صلة بيردن بالرق الى الشقيقين امونز ومارغريت باريش المولودين في الولايات المتحدة وكانا عبدين في مزرعة بونتوتوك كاونتي بمسيسبي.
واستخدمت بيردن ـ رئيسة ومؤسسة جمعية الجذور العائلية للرق، معطيات احصائية عن جدها ومستندات قضائية للبحث عن معلومات عن جدها الأكبر ايمونز باريش، وسافرت الى جاكسون وابردين حيث عثرت على سجلات شهادات الوفاة وتسجيل الأراضي. كما استعانت بباحث في مسيسيبي ساعدها في العثور على جردة ميراثية تحمل اسمى ايمونز وباريبش بين الممتلكات مع الكراسي وقالب لصنع الحلوى وزجاجات الشمبانيا. وسجلت قيمة ايمونز 300 دولار وقيمة مارغريت 450 دولارا.
الوثيقة جافة وباردة: "نحن الموقعين أدناه نشهد ان الوثيقة أعلاه وقائمة الأغراض الملحقة بها وقيمتها المرفقة تحتوي وصفا حقيقيا كاملا بكافة السلع والعبيد والتركة الشخصية لدافيد دبليو. باريش.
وتقول بيردن: لقد تخطيت مرحلة رؤيته على فاتورة بيع. اذ ظللت في تلك اللحظة لن أفيد نفسي بل سأتمرغ في حقيقة انه كان يعتبر قطعة من الأغراض المملوكة. انني اعرف انه كان كائنا بشريا.
وتتابع بيردن تعقب جدورها بغية العثور على جد مولود في أفريقيا. وتقول: ان العثور على الأفريقي هو جزء من شخصك وجزء من تاريخك وهو سيقضي على خرافة أننا لا نستطيع العثور على شعبنا. انه سيساعدنا على سرد قصتنا بشكل أكثر تكاملا لأننا بعد ذلك نستطيع ان نعود الى أفريقيا. واذا عثرت على ما أبحث عنه سيجعلني فخورة جدا.