أخبار متعلقة
افتتح رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري أمس الاول في فندق فينيسيا انتركونتننتال، المؤتمر العاشر للاستثمار وأسواق رأس المال العربية الذي شكل أكبر تظاهرة اقتصادية سواء في حجمها أم في نوعية المشاركة فيها والتي تتوجت هذه السنة بقيادات لها تجاربها ولها نجاحاتها. وقد ضاقت قاعة المؤتمر بالمشاركين الذين فاق عددهم الالف مشارك. يتقدمهم ضيف الشرف الشيخ محمد بن راشد ولي عهد دبي وزير الدفاع في دولة الامارات العربية المتحدة ورئيس مجلس وزراء ماليزيا السابق د. مهاتير بن محمد. كما حضر الافتتاح وزير المال السعودي د. ابراهيم العساف، ووزير المال السوري د. محمد الحسين، نائب رئيس الوزراء ووزير التجارة والصناعة الاردني د. محمد الحلايقة، وزير الاقتصاد العماني احمد بن عبدالنبي مكي، وزير الاعمار والاسكان العراقي عمر فاروق الدملوجي، الكاتب العام المغربي منقذ المسطاطي، وزير الدولة للاستثمار السوداني عبدالله حسن عيسى. كما حضر من الوزراء اللبنانيين وزير المال فؤاد السنيورة، وزير السياحة د. علي عبدالله وزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي. كما شارك في جلسة الافتتاح جمع من السفراء العرب ونواب الوزراء العامين.
رياض سلامة: تحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فتناول الاوضاع الاقتصادية مشيرا الى ان النمو في العام 2006 يقارب الـ 3 مستفيدا من ارتفاع السيولة عالميا وانخفاض الفوائد عليها مشيرا الى ان انخفاض الدولار زاد القدرة التنافسية للاقتصاد وأضاف: ان اقتصاد لبنان (مدولر) وهو يتأثر بتحركات الدولار تجاه العملات الاخرى، بينما لايتفاعل اقتصاده مع تحركات الليرة اللبنانية، عكس ماهو معقد، فالتبادل الاقتصادي في العملة الوطنية لايتعدى الـ 50 مليار. د. أ. ومن المتوقع ان يكون نمو هذه الودائع بما يقارب الـ 10 في المائة خلال العام 2004. علما ان نسبة (الدولرة) في الودائع هي بحدود الـ 67 في المائة.
واشار الى ان ميزان المدفوعات حقق فائضا وقدره 3386 مليون دولار امريكي في العام 2003 وبلغ 178 مليون د. أ. لغاية آخر ايار 2004.
وتحدث الحريري وقال: نمر الان في مرحلة يقف العالم العربي على مفترق طرق، مهمة جدا لمستقبل المنطقة ومستقبلنا وايضا بالنسبة للبنان.
انتم تمثلون فعاليات اساسية في العالم العربي وفي لبنان، ونحن ننتظر من هذا الاجتماع ان يأتي بمقررات مهمة جدا على مستوى لبنان والعالم العربي. الامة العربية تواجه تحديات كبرى في فلسطين، في العراق، الارهاب يحاول ان يسير حياتنا ولكن باذن الله تعالى ستتمكن الحكومات المسؤولة من السيطرة على هذه المظاهر الخارجة عن مألوفنا وعن عاداتنا وتقاليدنا وديننا وكل ماتعودنا عليه وكل ما آمنا به منذ مئات السنين.
ويبقى الاساس هو مانشهده في العالم من تضامن، ومانشهده في العالم العربي من تفكك. في الاسبوع الماضي شهدنا الموافقة على دستور الاتحاد الاوروبي وبالتالي نشأت دولة اوروبية كبرى عظمى يزيد أو يقارب عدد سكانها الـ 500 مليون نسمة، لها دستور واحد، ولها دساتير في كل منطقة مختلفة قليلا. قال لي احد الرؤساء الاوروبيين عندما زار لبنان في الفترة الاخيرة ان 65 من التشريعات تسن في البرلمان الاوروبي، يعني 65 من التشريعات في الدول الاوروبية يصوت عليه في البرلمان الاوروبي وتصبح ملزمة لجميع الدول في اللحظة التي يصوت عليها. كما قال لي ان الضريبة على القيمة المضافة TVA في بلدة كانت 5 وعندما دخل الاتحاد ارتفعت الى 19 فورا، أي ان الاتحاد بدأ يسير حياة جميع الاعضاء المنضمين اليه.
الاتحاد الاوروبي بدأ منذ حوالي 50 عاما أي بعد توقيع الاتفاق الذي يسمى بالسوق العربية المشتركة. السوق العربية المشتركة لم تتحقق والسوق الاوروبية المشتركة اصبحت اتحادا. الدول العربية توقع اتفاقات شراكة مع اوروبا، توقع اتفاقيات WTO ولكن لانوقع اتفاقات مع بعضنا البعض: التجارة البينية ضعيفة جدا، واعتقد انه علينا لمسؤولين وكفاعليات ان نضع امامنا برنامجا للعشرين سنة المقبلة ونجعل هدفنا ان يكون هناك شيء شبيها بما يحصل في اوروبا في العام 2025 لاننا اذا لم نفعل ذلك سنواجه بالحاجة الى مائة مليون وظيفة في العالم العربي، ان البطالة في المشكلة الاساس التي تواجهها الامة العربية اضافة الى التحديات في فلسطين وفي العراق وغيره، عندنا مشكلة اجتماعية متمثلة بالبطالة وايجاد فرصة عمل لمائة مليون انسان موجودون على الارض العربية في مختلف الدول العربية، ولايوجد دولة عريبة تستطيع ان تقول انها في منأى عن التداعيات الاجتماعية لما يحصل في بلد آخر جار أو بعيد أو قريب.
نحن في لبنان بلد منفتح ومفتوح، المعلومات حول نظامنا واوضاعنا معروفة للجميع، معروف كما ذكر حاكم مصرف لبنان، الوضع المالي والاستقرار النقدي الموجود، وايضا معروف انه لدينا مديونية كبيرة، ومعروف ان مشكلتنا الاساس هي تنامي الدين العام وخدمة هذا الدين، ومعروف ايضا ان الحلول ليست سحرية وانما تحتاج الى ارادة سياسية واضحة وحكم متجانس يعمل يدا واحدة لتنفيذ البرامج الموافق عليها، من خصخصة وتسنيد وتصغير. لحجم الدولة في الايرادات من خلال توسيع رقعة الاقتصاد، وخفض في المصاريف من خلال الاستغناء عن كل مايجب ان لا يكون مسؤولة عنه الدولة، وترك الامر للقطاع الخاص حتى يعمل.
لدينا نماذج عديدة في العالم العربي العالم الاسلامي لدول كثيرة نجحت نجاحا كبيرا، لدينا دول الخليج دون استثناء الكبير منها والصغير، ولكن اذا اردنا المقارنة بلبنان لدينا دبي، دبي منطقة معروف بطقسها وبصحرائها وحرارتها ولكن قيض لها رجل ولا كل الرجال، له نظرة، يستشرف المستقبل، جعل من دبي قبلة للعالم، وبعدد سكانها المحدود اصبحت الان تستقبل ملايين الزائرين كل عام، وبنظرة مستقبلية واضحة، بازالة جميع العوائق وبفتح دبي لجميع من يرغب بالعمل والاستثمار والنشاط، ولدينا ايضا دولة اسلامية أخرى في آسيا وهي ماليزيا وايضا بفضل الله سبحانه وتعالى، ونعرفه الدكتور مهاتير محمد الذي قام في الـ 20 سنة الماضية بنقل ماليزيا من دولة زراعية الى دولة صناعية في الدرجة الاولى. وجميع العرب والمسلمين، الذين يزورون ماليزيا يشعرون بالفخر لهذا الانتقال السريع في هذه الدولة الاسلامية التي نعتز بصداقتها.
اذا ليس بالمستحيل علينا ان ننقل بلداننا من الوضع الذي هي فيه الى وضع افضل، طبعا ناهيك عن دول الخليج جميعا.
فدول الخليج منذ 30 عاما كانت شيئا والان هي شيء آخر، من المملكة العربية السعودية الى الكويت الى الامارات الى قطر الى البحرين الى سلطنة عمان جميع هذه الدول انتقلت ليس فقط في البنى التحتية وانما بالتطور.
الاجتماعي والتطور الثقافي لشعوبها وقدمت خدمات لمواطنيها، استعملت ثروتها لرفع مستوى المواطنين على كافة المستويات التعليمية والثقافية والصحية والتربوية وخلاف ذلك.
فاذا ليس هناك من مستحيل ان نقوم جميعا كدول عربية ونتعاون في ما بيننا ونعمل من اجل تطوير بلداننا. المشكلة هي في عدم الرؤية الواضحة لما يجب ان تكون عليه، وهذا الامر اعتقد انه باستطاعتنا تخطيه اذا وضعنا برنامجا واضحا في هذا الاطار.
لن اطيل، واود ان اختم بالقول انكم في لبنان تعرفون عن لبنان كل شيء، ليس لدينا امرا مخفيا، حسناتنا وسيئاتنا على صفحات الجرائد تجاذباتنا السياسية معروفة ولكن لبنان بلد في المحصلة النهائية لديه نظام ديمقراطي وهناك تداول للسلطة، وتداول للأمور جميعا، ليس من شخص له موقع لايتغير على الاطلاق، وبالتالي الأمور تتغير نحو الافضل او نحو الاسوأ ولكنها تتغير دون ادنىشك امامنا في الاشهر المقبلة مرحلة دقيقة نأمل ان تكون بابا لتغيير الكثيرمن الامور التي نشكو منها ويشكو منها المواطنون وايضا المستثمرون.
ونحن نعلم ان الكثير منكم يرغب بالاستثمار في البلدان، ولديه استثمار في لبنان. ونعلم ان البعض يشكو من بعض المعوقات الموجودة، ولكن ليس من المستحيل تخطيها، هذه المعوقات اعتقد ان باستطاعتنا ان نتخطاها بيسر وسهولة، والنوايا باذن الله تكون طيبة ونحن على استعداد لدفع هذه المسيرة، ونعتقد جازمين ان الامور تسير نحو الافضل باذن الله تعالى.
لقد قلت في السابق اذا استمرت الامور على ما هي عليه فان الدين في لبنان سيرتفع خلال السنوات الثلاث المقبلة من 35 مليار دولار الى 45 مليار دولار، هذا لايعني على الاطلاق انه فعلا سيرتفع الى 45 مليار دولار، وانما يعني ان علينا ان نغير ما نقوم به الان، ونتوجه نحو الاصلاح ونحو الخصخصة والتسنيد وتخفيض الفوائد من اجل تنمية القطاع الخاص وتخفيض عجز الموازنة حتى نستطيع ان نسير ببلداننا نحو الافضل. ولبنان ملئ برجاله وملئ ايضا بمحبيه من الدول العربية والاجنبية والصديقة، فأنتم اهل لبنان وانتم اصدقاء لبنان واخوان لبنان فأهلا بكم.
محمد بن راشد:
ثم تحدث ولي عهد دبي ووزير الدفاع في الامارات الشيخ محمد بن راشد فقال: اكتسب المؤتمر العاشر للاستثمار واسواق رأس المال اهمية اضافية هذه الدورة من خلال الحوار المفتوح الذي جمع ولي عهد دبي ووزير دفاع دولة الامارات العربية المتحدة الفريق اول سمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم. فاتسم الحوار بالصراحة والشفافية حيث عرض لمجمل القضايا الاقتصادية والاستثمارية التي تهم امارة دبي بشكل خاص والمنطقة العربية.
ثم بدأ بالاشارة الى دولة الامارات حكومة وشعبا ينظرون الى اللبنانين كأصدقاء وشركاء. اضاف يجب ان لاننسى ان الكثير من اللبنانيين شاركوا في نجاح تجربة دبي حين كانت في اولى مراحلها. ولبنان مدعاة للفخر لما يمتلك من عقول وتجارب وتاريخ. صحيح ان لبنان مر بمراحل الحرب واعادة البناء، الا انه بات مستعدا للطفرة والتطور. وكنا في مرحلة الشباب نتطلع الى لبنان كمثال اعلى. وعندما كنت اتابع دراستي العسكرية في اوروبا، كنت اعرج على لبنان ذهابا وايابا. واردف سمو الشيخ محمد قائلا : الامة العربية بخير. وهناك دوما مد وجزر اذا كانت الامة حاليا في حالة الجذر، فلابد من ان نكون مستعدين للمد القادم، فالفرص تختار من يستعد لها.
وتابع: الى اين دبي؟ دبي لا زالت في بداية الطريق وفي الخطوات الاولى. وهذه بداية تجربة ناجحة، ونسعى الى اضافة المزيد على هذا النجاح. وشدد سموه على ضرورة توافر الرؤية والحلم والطموح والرغبة. لكن هذا لاينفع اذا لم يقترن بالعمل كما ركز سموه على اهمية التفكير الايجابي كمفتاح لتحقيق النجاح.
وفي معرض رده على سؤال حول السوق المالية في الامارات العربية المتحدة وتحديدا دبي، فأجاب الشيخ محمد انه تم انجاز التشريعات التي تنظم عمل المركز المالي في دبي، ويباشر هذا المركز العمل في المستقبل القريب.
قد شددت على ضرورة ان تتمتع المجموعة المشرفة على المركز المالي بالاستقلالية. واؤكد ان الاستقلالية هي ضرورة وانا ادعم هذا الامر.
ثم سئل حول العلاقة ما بين الاصلاح والانفتاح الاقتصادي من خلال تجربة دبي، فأبدى سموه استغرابه من تعميم استخدام مصطلح الاصلاح. فلغتنا غنية بالعديد من المفردات الاخرى والانسب. وعندما نتكلم عن الاصلاح، يعني ان هناك خطأ يجب اصلاحه. لكن أرى ان كلمة اصلاح خاطئة ونحن نريد التطور. والمطلوب من الدول العربية هو التطور وليس عبارة الاصلاح التي تتردد كثيرا.
وعن دور امارة دبي في تنمية المهارات البشرية وتطوير الكوادر الادارية، اشار الشيخ محمد الى ان دبي تركز على العنصر البشري بشكل كبير. ونقيم دورات تدريبية داخلية وخارجية للقيادات الشابة. فكل استثماراتنا هي في الطاقات البشرية وانا فخور بان شبابنا وشاباتنا يقومون بأهم الاعمال.
كيف سيكون وضع امارة دبي اذا ما اعتمدت نظما اقتصادية أخرى خصوصا وان النمو تحقق نتيجة لاقتصاد السوق؟ فاجاب الشيخ محمد بن راشد: التطور يتطلب الكثير من الشفافية في سبيل انهاض البلد ومؤسساته.
اما تأثير الاوضاع الامنية غير المستقرة على دبي، فاعتبر سموه ان المرحلة الحالية هي مرحلة جزر، والمد قادم بشكل التطور. نحن لن نوقف التطور بسبب المشاكل الحاصلة، ولن نأخذ من الاوضاع القائمة عذرا وحدها الحكومات العاجزة تفتش عن هذه الاعذار والاسباب والمعوقات.
مهاتير بن محمد
كلمة رئيسة رئيس وزارء ماليزيا السابق د. مهاتير بن محمد في المؤتمر العاشر للاستثمار واسواق رأس المال العربية الذي اعتبر انه بعيدا عن الثروة النفطية لم تأخذ البلدان العربية بعين الاعتبار باقي المعايير مثل القدرات الصناعية والمعرفة التكنولوجية فالاموال الكبيرة في العالم العربي موجودة في المصارف الاجنبية، وتحظى بعوائد قليلة جدا، وبحسب بعض التقديرات هناك نحو تريليون دولار في الاموال العربية تقبع في مصارف نيويورك وسويسرا.
واضاف: انه حتى مع تواجد النفط الخام فان الوطن العربي فانه لم يحقق تطورا كبيرا في مجال النفط فالصناعات البتروكيماوية ليست على درجة ملائمة من التقدم. كما ان العديد من البلدان العربية قد تعاني من استنزاف لاحتياطي النفط، ما يعني ان مستقبل الكثيرمن هذه البلدان سيكون قاتما. لذا هناك حاجة كبيرة لتنويع وتحسين عائدات البترو د دولار بمعنى ان الدول العربية يجب ان تتوجه نحو التصنيع وتحديد اقتصاداتها لانتاج منتجات قابلة للتصدير.
مهاتير محمد رأى انه من حسن الحظ ان رأس المال متوفر لتحقيق هذه القفزة الاقتصادية الا ان المهم هو كيفية توظيف رأس المال.
واوضح محمد ان ماليزيا حاولت التغلب على عوامل عدم الثقة في اسعار العملة من خلال ربط عملتها بالدولار الامريكي الا ان الدولار انخفضت قيمته بحدود 40 مقابل اليورو.
وشدد على ضرورة استثمار رأس المال في نشاطات اقتصادية تدر أرباحا دون المحافظة على رأس المال بشكل ودائع في المصارف، مشيرا الى الحاجة الى خفض الاعتماد على الدولار الامريكي والتركيز على ادارة افضل لرؤوس الأموال والاحتياطات.
ورأى أنه في حال تمكنت البلدان العربية من دعم عملاتها وربطها باحتياطاتها النفطية، يمكن أن تتحول العملات العربية الى عملات للتجارة.
وعلى صعيد الاستثمار، اكد مهاتير بن محمد ان البلدان العربية تقدم فرصا مهمة للاستثمار. لكن يبدو ان المستثمرين العرب غير جاهزين بعد لوضع اموالهم في المنشآت الصناعية داخل بلدانهم. وقد يستعيضون عن ذلك بالاستثمار في أسواق الأسهم والمصارف.
وانتقد مهاتير بن محمد البلدان العربية لعدم ايلائها البحث والتطوير الاهتمام الكافي سيما ان الموارد والطاقات البشرية متوافرة.
وختم بالقول: الواقع ان الخيارات متعددة امام رأس المال العربي سواء داخليا أو خارجيا لكن الاستثمار داخل البلدان العربية يحقق تطورا لشعوب المنطقة.
رفيق الحريري
محمد بن راشد