يبدو ان معظم المستثمرين في مشاريع البناء مهووسون بالتقليد الأعمى ومراقبة الآخرين بشكل مستمر وعندما ينجح أحدهم في مشروع ما تجد الجميع بين عشية وضحاها مصطفين بجواره عن اليمين وعن الشمال بمشاريع مشابهة , أنا اقول هذا الكلام بعد ان لاحظت انتشار عدد من الأسواق الكبرى بشكل ملحوظ في منطقة كورنيش الدمام والقادم اكثر من ذلك إذ ان أربعة او خمسة مشاريع على الأقل في طور الترخيص من قبل الجهات المعنية , بحسبة بسيطة فإن عدد وحجم هذه الأسواق يمكن ان يغطي خدمة سكان حاضرة الدمام والقطيف وقراها مجتمعة ., وإذا كان الأمر كذلك فما داعي الأسواق الاخرى التي يصعب حصرها في مراكز المدن وضواحيها وشواطئها التي تحولت الى بزارات ومعارض تجارية بعد أن كانت ذات يوم مواقع هادئة للراحة والهدوء والاستجمام.
مع الأسف الشديد فإن بعض المستثمرين يتبعون مبدأ (طقها والحقها) فيلقون بملايين الريالات في البحر بدون تخطيط مسبق لموقع ونوع ووظيفة المشروع المزمع تنفيذه وحجم العمل المتوقع , يغيب عن أذهان بعضهم ان هناك أمورا تخطيطية واقتصادية وتسويقية متشعبة وتحتاج الى خبراء ومستشارين لبحثها ودراستها وليس الى قرارات ارتجالية مبنية على الملاحظة البصرية لحجم زبائن الآخرين..!!!
الغريب ان هناك من يأتي ليوجه اللوم للامانات والبلديات بسبب انتشار الأسواق بشكل غير مدروس , الحقيقة ان أي أمانة أو بلدية لا تملك الحق في ان تمنع أي مواطن يرغب في استثمار موقع ارضه التي يمتلكها بصك شرعي بشرط الا تكون هناك موانع تخطيطية او تنظيمية او تصميمية للمشروع , ومعظم تلك المشاريع القائمة والجاري تشييدها في منطقة كورنيش الدمام تقع على شوارع تجارية ومستوفية لجميع الاشتراطات البلدية لانشاء مبان استثمارية خاصة , ويبقى الدور في هذه الحالة على المالك والمستثمر نفسه اذ يجب عليه أن يكون اكثر وعيا قبل التورط في أي مشروع غير مدروس ربما يصبح عبئا عليه وعلى المدينة ككل.
أما المواقع الاستثمارية التي تخصصها الأمانات والبلديات فهي تحظى بدراسات مستفيضة تخطيطيا ووظيفيا ومعماريا من قبل المتخصصين في الأمانات والبلديات للتأكد من منفعتها الملموسة أولا للناس ولضمان جدواها الاقتصادية لخزينة الأمانة وللمستثمر نفسه في المقام الثاني , كما تراعي البلديات في مثل هذه المشاريع ان تكون ذات تصاميم وأشكال ملائمة تعكس خصوصية المنطقة وتراثها. ولكن تبقى المشكلة في المواقع التجارية المملوكة التي يستثمرها اصحابها بدون تخطيط واع فتجدهم اشبه بمن يراقب صياد السمك عندما يقف في مكان ما على الشاطئ ويلقي بسنارته في البحر وعندما تعلق سمكة كبيرة بالطعم ويسحبها يراها الآخرون فينطلق كل منهم ويحضر سنارة مماثلة ويصطفون بجواره على اليمين وعلى الشمال ويلقون بسنانيرهم في البحر وينتظرون طعما مشابها...!!!