رحب الدكتور حنيف القاسمي مدير جامعة زايد بدولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة بتوجه المملكة العربية السعودية في فتح المجال امام القطاع الاهلي للاستثمار في انشاء جامعات وكليات خاصة تعمل جنبا الى جنب مع المؤسسات الاكاديمية الحكومية، مؤكدا على اهمية الالتزام بالنوعية والجودة لهذه المؤسسات لتواكب المستوى المتقدم والمتميز للجامعات والكليات الحكومية في المملكة.
وفي حديثه لـ (اليوم) بارك الدكتور القاسمي مبادرة صاحب السمو الملكي الامير محمد بن فهد بن عبدالعزيز امير المنطقة الشرقية لانشاء جامعة اهلية تحمل اسمه بالدمام، وقال اثناء زيارة مدير مشروع جامعة الامير محمد بن فهد الاهلية الدكتور عيسى الانصاري والوفد المرافق له ان هذه الجامعة ستكون اضافة كبيرة للتعليم الاكاديمي بالمنطقة الشرقية من المملكة، مشيرا الى انهم في جامعة زايد على استعداد لتقديم كل المعلومات التي قد يحتاجونها خلال مراحل التأسيس والتشغيل وما بعد التشغيل، مؤكدا أنهم سيكونون سعيدين جدا بأي تعاون قادم مع هذه الجامعة التي تحمل اسم امير المنطقة الشرقية والذي يعتبر راعي التفوق العلمي في المنطقة الشرقية.. والى نص الحوار:
اعتز بهذه التجربة:
@ كما علمت دكتور انك احد خريجي الجامعات السعودية..؟
ـ الحقيقة، انا اعتز انني احد خريجي الجامعات السعودية.. وقد قضيت فيها اجمل مراحل حياتي الاكاديمية والاجتماعية كذلك.. بعد تخرجي من جامعة الامارات توجهت الى المملكة العربية السعودية، وتحديدا الى جامعة ام القرى بمكة المكرمة حيث حصلت على درجة الماجستير ثم درجة الدكتوراه في الدراسات الاسلامية. ومن ثم عدت الى الامارات في عام 1991م والتحقت بسلك اعضاء هيئة التدريس في جامعة الامارات حتى عام 1995م ثم توجهت الى الولايات المتحدة الامريكية لقضاء سنة تفرغ في جامعة هارفارد ومن ثم عدت الى الامارات وكلفت بالاعداد وتنفيذ جامعة زايد، والحمدلله فتحت الجامعة ابوابها في عام 1998م بفرعيها في ابوظبي ودبي.
التحديات كبيرة:
@ بالتأكيد التحديات كبيرة امام هذه الجامعة وهي بداياتها؟
ـ مازلنا نعتبر انفسنا في مرحلة التأسيس والتي هي ـ فعلا ـ تحديات كبيرة وتوقعات كبيرة من قيادة دولة الامارات ومن صاحب السمو رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ ومن صاحب السمو نائب رئيس الدولة. ونحن الحقيقة محظوظون بان هناك دعما كبيرا لهذه الجامعة الفتية من الحكومة، وموقع الجامعة في واقع الامر كونها في ابوظبي وفي دبي في المدن الرئيسية بدولة الامارات عاصمة الامارات وفي العاصمة الاقتصادية للامارات هذه الحقيقة ميزة كبرى للجامعة من خلال تواصلها وتفاعلها مع مؤسسات المجتمع سواء كان ذلك في ابوظبي او في دبي من خلال هذه المرحلة القصيرة من عمر الجامعة حيث استطاعت الجامعة ان تربط علاقات جيدة مع مؤسسات المجتمع بالقطاع الخاص وبالذات تعمل نوعا من الشراكة الحقيقية بين برامجها الاكاديمية وبين كلياتها وبين توقعات سوق العمل. فالحقيقة نحن كان ينقصنا في منطقتنا العربية ان هناك فجوة بين التعليم العالي والتعليم الجامعي وبين ما يتوقعه سوق العمل من مخرجات هذه المؤسسات، وكذلك دور مؤسسات التعليم العالي في خدمة المجتمع والبحث العلمي واعطاء اولويات معينة لموضوعات محددة. نحن في الامارات دولة خليجية نفطية وندرك ان النفط يعتبر مصدرا هاما من مصادر دخلنا ويجب ان الجامعات كذلك تلعب دورا كبيرا في هذا المجال، وتولى الثروة النفطية في الامارات والبحث عن طرق اخرى للاستثمارات وما الى ذلك. فنحن ـ الحقيقة ـ من خلال هذه التجربة استطعنا ان نشرك الفعاليات الاقتصادية وفعاليات المجتمع وقيادات المجتمع في تصميمنا وتنفيذنا للبرامج الاكاديمية داخل الجامعة بحيث ان الخريج او الخريجة عندما تتخرج من جامعة زايد لا تكون غريبة عن مجتمعها من حيث توقعات المجتمع ومن حيث المواصفات التي يجب ان تكون في هذه الخريجة، كذلك المهارات التي يجب ان تكون لديها خلال فترة دراستها، مسألة التدريب والالتحاق بالعمل حتى قبل التخرج في غاية الاهمية بحيث ان الطالبة تتعرف على التحديات التي ستواجهها في بيئة العمل والمشكلات التي يمكن ان تصادفها. لذلك نحن نعطي طالباتنا جرعات حقيقية من المؤسسات التي سوف تلتحق بها بعد التخرج. فالحمدلله الجامعة احتفلت بتخريج دفعتها الاولى في الصيف الماضي، ومازال المشوار طويلا، ولكن نحن على ثقة بان جامعة زايد سوف تلعب دورا كبيرا ليس فقط في الامارات وانما على مستوى منطقة الخليج.
الجامعة للبنات فقط:
@ كم تبلغ القدرة الاستيعابية لهذه الجامعة؟
ـ الجامعة في هذه المرحلة من عمرها مقتصرة فقط على الطالبات لأن اعداد الطالبات الخريجات من الثانوية العامة اكبر، فيما فرصة التعليم العالي والجامعي امام الطلبة الذكور اكثر حيث ربما يدرسون في الخارج او يلتحقون بمؤسسات اخرى داخل الدولة، لذلك نحن في هذه المرحلة مقتصرون على قبول الطالبات. مجموع الطالبات في فرعي ابوظبي ودبي يصل الى (2600) طالبة في هذه المرحلة. بدأنا في عام 2001م طرح برنامج الماجستير في التجارة الالكترونية، وهذا الحقيقة تم بالترتيب مع ثلاث جامعات امريكية مرموقة في هذا المجال. هم قاموا بتصميم البرنامج، وكذلك هم المسئولون عن التدريس في المسافات والمواد في هذا البرنامج بالاضافة الى الاساتذة من جامعة زايد.
في هذا البرنامج عندنا طلبة من دول الخليج وعندنا اخوة عرب وعندنا كذلك من الامارات. البرنامج تم قبول الدفعة الثانية فيه، وفي العام القادم سوف يتم تخريج الدفعة الاولى ان شاء الله في برنامج الماجستير في التجارة الالكترونية.
استثمار الاجيال:
@ ماذا عن التكلفة لهذا البرنامج ومدى مراعاتكم للجانبين الاكاديمي والاستثماري؟
ـ التعليم الجيد مكلف، ونقول الجيد لانه اذا كان هناك جودة في التعليم فلابد ان هناك حرصا على ان تكون المرافق التي تتبع المؤسسة او تلك جيدة. هناك مختبرات حديثة وهناك اجهزة متطورة.
الاهم من ذلك ان هناك اعضاء هيئة تدريس متميزين كل هذه الاشياء الحقيقة مكلفة، وفي مقابل هذا جامعة زايد، ولله الحمد، تصرف على التعليم وتعتبر من منطلق اهتمام المسئولين الصرف على التعليم استثمارا حقيقيا لاننا نعد اجيالنا ونعد استثمارا في البشر وبذلك سوف يكون مردود هذا الاستثمار كبيرا على المجتمع وعلى مؤسسات المجتمع حتى لو اختارت الطالبة الا تعمل بعد التخرج فبالتالي ستكون اما متعلمة واما تساهم في تربية ابنائها بشكل جيد وما الى ذلك. نحن من خلال برنامج الماجستير فهو البرنامج الوحيد الذي فيه رسوم دراسية. فالتعليم في جامعة زايد تعليم مجاني، وهناك دعم كامل من حكومة الامارات. في برنامج الماجستير الجامعة تفرض رسوما دراسية على الطلبة الملتحقين في هذا البرنامج. في الحقيقة، نحن لانسعى للربح، وربما الرسوم الدراسية التي نفرضها لاتكاد تغطي تكاليفنا، ولكن مثلما قلت حرصنا على الجودة وعلىا لمستوى له الاولوية على ماعدا ذلك.
التعليم العالي بشروط:
@ هذا التنامي في التعليم الاكاديمي الاهلي لديكم الا يشكل قلقا لكم في ان يؤثر سلبا على تقديم برامج اكاديمية ذات مستويات متميزة؟
ـ انا اعمل منذ عشر سنوات تحت رئاسة الشيخ نهيان بن زايد في اللجنة التنفيذية في التعليم العالي التي كانت مسئولة حتى وقت قريب عن الترخيص للمؤسسات التعليمية الخاصة. انا مع التعليم العالي الخاص ولكن بشروط. واقصد بالشروط هنا الاستمرار في المحافظة على الجودة وان تكون هناك معايير اكاديمية دقيقة والحرص على المستويات العالمية المتعارف عليها. لابد ان تكون هناك ضوابط من حيث مؤهلات وكفاءة اعضاء هيئة التدريس الذين يعملون في هذه المؤسسات الاكاديمية وان يتم اختيارهم بعناية، وعندهم شهادات معترف بها وجيدة، وعندهم خبرة اكاديمية جيدة، كذلك المرافق والمختبرات والتجهيزات وما الى ذلك كلها يجب ان تكون على مستوى جيد ومقبول اذا توفرت هذه الشروط فانا مع التعليم الخاص ولا اخشى المنافسة بالعكس المنافسة ظاهرة صحية، المنافسة سوف تدفع كل المؤسسات لتحاول تحسين جودتها وبرامجها وجودة مخرجاتها في الاخير لانه في الاخير المجتمع وسوق العمل سوف يحكمون على جودة المخرج والمنتج وهو الطالب الذي سوف يلتحق بسوق العمل، ومدى جاهزيته، ومدى كفاءته للعمل، وعلى تطوير العمل بحيث ان المؤسسة التي يعمل فيها الطالب والخريج لاتعاني من هذا الموظف العبء، بالعكس هذا الموظف الذي سيلتحق بهذه المؤسسة او هذه الدائرة سوف يكون عنصرا او عاملا منتجا ومهما في تطوير الاداء في هذه المؤسسات فانا اذا توفرت هذه الضوابط ووجدت هذه الشروط فانا مع التعلم العالي الخاص، وبالعكس وجود التعليم الخاص له فوائد كثيرة، بالاضافة الى المنافسة وجو المنافسة الذي سوف يشيع بين هذه المؤسسات سوف يكون هناك تخفيف العبء الملقى على عاتق الدولة.
فنحن نعلم انه لا يمكن للدول ان تتكفل بالتعليم العام والتعليم الجامعي الى مالا نهاية وان يستوعب كل هذه الاعداد المتزايدة من خريجي الثانوية العامة، ونحن يمكن في دول الخليج نلاحظ بانه كنا نقنص الخريج من الثانوية حتى نشجعه ونعطيه مكافآت وحوافز حتى يتجه للتعليم الجامعي. الان الوضع تغير لان الاعداد الكبيرة والطاقة الاستيعابية للجامعات لم تعد قادرة على المواكبة لذلك يجب ان يكون هناك فتح لمجال التعليم في القطاع الخاص لكي يستثمر في هذا الجانب ولكن على شرط ان يكون هذا الاستثمار بضوابط وبمعايير يجب ان لا نتنازل عنها.
توجه ايجابي:
@ كيف ترى اداء الكليات الاهلية والجامعات الاهلية في دول مجلس التعاون من واقع متابعتك الشخصية؟
ـ مثلما تفضلت، الامارات يمكن بدأت في تجربة التعليم العالي الخاص منذ اكثر من خمس عشرة سنة، أي في منتصف الثمانينات، وفي تلك الفترة كان ظهور وبروز هذه المؤسسات في غياب مظلة تعمل تحتها، وعدم وضوح المعايير التي يفترض ان تلتزم بها فلذلك مسيرة التعليم العالي في الامارات والتعليم العالي الخاص في تلك الفترة كانت غير مستقرة، لكن الحمدلله الان هناك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وهي مسئولة عن تنظيم العمل في التعليم العالي الخاص، وتضع شروطا دقيقة او تضع معايير عالمية دقيقة ومعروفة، وهناك خبراء يقيمون برامج وتخصصات الكليات والجامعات الخاصة ومن ثم يتم الترخيص لها او عدم الترخيص لها او ملاحظات او توصيات بتحسين بعض جوانب العمل في هذه المؤسسات بالنسبة لدول الخليج الاخرى، طبعا هناك اتجاه طيب في المملكة العربية السعودية بتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار الجيد في هذا المجال مع طبعا وجود وزارة التعليم العالي هناك من حيث الاشراف على هذا الجانب فأنا اعتبر ان هذه خطوة ايجابية جدا وحكومة المملكة مشكورة على هذه الخطوة.
في الكويت هناك نفس الاتجاه وكذلك في قطر حيث بدأوا الان في تجربة متميزة وهو الارتباط مع جامعات عالمية عريقة وتفتح فروعا لديها كذلك الحال في سلطنة عمان والتي بدأت في هذا الاتجاه. لذلك اتصور ان دول الخليج تقطع اشواطا جيدة وكبيرة ولكن بضوابط وهذا الشيء الايجابي اذ ليس هناك انتشار عشوائي للتعليم العالي الخاص، بل نلاحظ ان كل دول الخليج بدأت تسير في هذا الاتجاه ونتصور ان هذا الاتجاه ايجابي جدا.
مواكبة سوق العمل:
@ هل هناك نية للتوسع مستقبلا في جامعة زايد عبر فروع جديدة او كليات جديدة؟
ـ بالتأكيد، فنحن الان نعمل على اعداد الموقع الدائم للجامعة لان الموقع الحالي الذي ندير الجامعة منه هو موقع مؤقت حتى عام 2005م.
والمخططات الخاصة بالموقع الجديد نعمل عليها الان وهناك فرق استشارية عالمية تعمل الان على اعداد وتصميم التصاميم النهائية للمشروع والذي نأمل ان شاء الله ان ينتهي في عام 2005م. ومع انتقال الجامعة للمقر الدائم سيكون هناك بالمستقبل فتح قبول للطلبة الذكور. نحن في جامعة زايد نتميز بالمرونة حيث الان لدينا ست كليات على مستوى الجامعة ولكن لو وجدنا ان هناك تخصصات جديدة او كليات جديدة مطلوبة في سوق العمل فسوف نبدأ في تنفيذها على الفور، كما انه في نفس الوقت لو وجدنا ان هناك كليات او تخصصات ليس لها جامعة ولا تتبنى متطلبات السوق فاننا سوف نوقفها على الفور لانه ليس لدينا أي قيود، كما اننا لسنا في قالب جامد، بل لدينا مرونة في التحرك في اطار التعرف على الاحتياجات المتجددة والمتغيرة لسوق العمل وبحيث اننا نواكبها.