أخبار متعلقة
مثلما يتغير الزمان ويتغير كل ما حولنا فقد تغيرت عادات وتغيرت معطيات كانت موجودة قديما وحل محلها كل ماهو جديد ومتطور كذلك رمضان هذا الضيف الزائر قديما كان يختلف تماما عن الان وكان الناس يتعايشون مع واقع ملموس كان موجودا عندهم. ولم يكن لديهم خيار غيره لذلك التقينا مع بعض السيدات ممن عاصرن رمضان سابقا وامتد بهن الزمان حتى اليوم ليعدن ذكريات السنين.
التقينا اولا مع زمزم ابراهيم الحباس (67 سنة) تقول زمزم ان رمضان قديما يختلف تماما عما هو عليه حاليا فقد عشنا في العشش المصنوعة من سعف النخيل ولم يكن لدينا اي الالات واجهزة متطورة مثلما هو موجود اليوم ولم يكن الناس عامة تأبه لاعداد وجبة الفطور واعداد الاصناف المتنوعة كما هو حاليا. بل كانت الحالة المادية لاغلبية الناس متواضعة الحال لان اعتمادهم كان على صيد الاسماك او البيع البسيط والزراعة ولم يكن التعليم منتشرا بهذه الصورة الموجودة حاليا والتي قد تمكن اي خريج من الحصول على عمل او وظيفة.. فقد كانت وجبة الافطار تعتمد على الارز والسمك اما مقليا او صالونة وكان الميسورون هم الذين يعملون المرق باللحم مع الارز وطبق الحلو عدد من اللقيمات ما يعرف الان بلقمة القاضي.
قيطان مطرز
ام محمد الشاوي ـ 61 سنة ـ تقول: ان ايام زمان افضل من الان بكثير فرغم التطورات والمدنية الحديثة وتعدد الاشياء المبتكرة الا ان اهل التمور والدبس والشحم والدهن العداني ولم تصبهم اي من هذه الامراض الموجودة ومنتشرة ولم يكن موجودا هذا الكم الهائل من المستشفيات والاطباء، الان اصبح السكري والضغط يصيب الكبير والصغير بل الجميع.. وتقول ام محمد كنت سابقا زمان ايام الطفولة اعيش في تاروت بالقرب من دارين وحيث كان الناس يسكنون العشش او البرستيات المصنوعة من خوص النخيل وعلى نسمات الهواء الطلق صيف شتاء في حر القيظ كان الظل ملاذهم وكانت المرأة تلبس ملابس القيطان المطرز فيكون من قماش الململ الناعم صيفا ومن القطن شتاء وكانت النساء يطبخن على الخشب او روث البقر ويلف بالخيش ويعمل كجمر حيث يشعل.
ماء اللقاح
وكان اهل تاروت يعدون العصيد والساقو واللقيمات والارز لوجبة الافطار وبعد اذان العشاء ينام الجميع الى ان يؤذن المسجد الاذان الاول فيقوم الكل لتناول السحور والذي كان عبارة عن الارز واللبن او السمك وكان معظم الناس تشرب الماء المخلوط بماء اللقاح لانه يخفف من العطش حيث يوضع في الانية الفخار ليكون باردا. وكان في كل بيت توجد (الركية) وهي مثل بئر او عين ماء يشرب منه والبيت الذي لا يوجد به يذهب اهله للجيران حيث يوجد امام كل بيت مثل البئر المفتوح ليأخذ منه الجميع للشرب والغسيل والطبخ ولم يكن موجودا ماء الصحة المعبأ في الزجاجات الان كما كان اهل زمان يعملون في الغوص والنخيل والكومبني كما كان يطلق عليها او الجبل ويقصد بها ارامكو الان وبرغم عدم توافر السيارات المرهفة والمواصلات الميسرة الا ان شهر الصيام كان يمر على من يعمل بهذه المهن احلى من العسل فقد كان الجميع يصحو من الصباح الباكر ليكسب قوت يومه بلا تعب ولا ملل حتى وهو صائم.
والان مع هذه التطورات وجعل الدوام متأخرا عن الايام العادية الا ان الكل يتأفف ويشتكي، كان اهل زمان يلتفون حول سفرة مصنوعة من خوص النخيل لتناول وجبة الافطار ولكن الجميع كانت قلوبهم على بعض وفيهم المحبة والتراحم.
اما الان قد يجلس الاغلبية ليتناول وجبة الافطار فوق طاولة الطعام الفخمة ذات الكراسي المنعمة ولكن الحقد والحسد والغيرة قد ملأت القلوب كل يريد الاحسن لنفسه، وقد لا يرى الاخ اخاه الا في المناسبات ولا يبر الوالد بوالديه مثلما كان اهل زمان لقد تغيرت الدنيا وتغير الحال كما تغير رمضان.
القرقيعان
وتحدثت زاكية محمد العليوات ـ 59 سنة ـ عن زمان وعن الان قائلة ان اهم ليالي رمضان هي ليلة القرقيعان او القرقاعون كما يطلق عليها البعض فقد كان اهل زمان يستعدون لها من قبل فيقومون بوضع الفول السوداني (السبال) في قفة الخوص مع بعض الحلويات ويقوم الاطفال بالدوران من منزل الى اخر من بعد الافطار مباشرة او عصرية رمضان في بعض المناطق ليأخذوا فرحة هذه الليلة وهم يرددون اهازيج مخصصة لهذه الليلة مشيا على الاقدام اما الان فترى ليلة القرقاعون الاطفال مع الخادمة في السيارات التي توصلهم من بيت لاخر وعوضا عن لبس الازياء الشعبية المتمثلة في (ثوب النشل) و(البخنق) يقومون بلبس اخر صيحات الموضة حتى (السبال) تغير الى العاب واشياء اخرى توزع وبالنسبة لي فانا كنت معروفة بعمل خبز الرقاق او ما يعرف بخبز التاوة حيث كنت اعد العجين المكون من ماء وطحين وسكر ومن ثم اضع باليد فوق الصاج الخاص به على نار الخشب وكان اهل (الفريج) الحي يشترونه مني هناك نوعان السادة والمصنوع مع البيض والزعفران وكانت هذه مهنتي منذ ان كنت فتاة في العاشرة الى ان تزوجت واصبح لدي اولاد. وبالرغم من عدم وجود الفرن الغاز او الكهرباء واستعمال الخشب كموقد وقيامنا من الصباح الباكر في رمضان للعمل الا انه كان غير متعب ومرت علينا الايام وليتها تعود حيث البساطة وراحة البال كما ان المياه لم تكن متوافرة في حنفيات كما الان فقد كنا ونحن صائمون نأخذ الثياب للعين القريبة من المنزل لغسلها ومن ثم نجلب بعض الماء للاستعمال وهذا يختلف حسب المناطق فبعضها يوجد في معظم البيوت بئر ماء والبعض لا يوجد ومن ثم عندما تحين ساعة الظهر ويؤذن للصلاة يكون الاستعداد لاعداد الارز والوجبات للافطار وكان الناس يفضلون الخبز الرقاق خاصة لدى السحور.
امرأة تقوم بخصف السعف