بعد خطابه في مؤتمر هرتسليا اتضح للعالم بجلاء سقوط مقولة شارون بأن (الختيار) كان يمثل عقبة ازاء تحقيق السلام في المنطقة وان رحيله يفتح ابوابا من الامل بالتوصل الى حل قاطع للأزمة الفلسطينية/الاسرائيلية القائمة، ذلك ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ردد من جديد لاءاته المعهودة التي تشكل في جوهرها حجر عثرة تحول دون تحقيق حل عادل للأزمة العالقة، لا للانسحاب من حدود ما استولت عليه اسرائيل عام 67، ولا لعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم، ولا لتفكيك المستوطنات الاسرائيلية، ولا للانسحاب من القدس الشرقية، وبقي على شارون ان يضيف واحدة من لاءاته المعهودة فيقول صراحة لا لاقامة الدولة الفلسطينية، وتلك مواقف تدل بوضوح على رفض شارون المعلن مجددا لكل القرارات الاممية الصادرة بشأن الازمة ولكل المبادرات السلمية التي حثت على معالجة القضية الفلسطينية بشكل عادل ودائم بما فيها مبادرة خارطة الطريق الرباعية، وتلك مواقف متعنتة ومتصلبة توحي باحتمال اندلاع التوتر من جديد في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وتوحي بأن حلم شارون بالقضاء على المقاومة التي يسميها ارهابا بحلول عام 2005 هو ضرب من الوهم، ذلك ان من مستلزمات تسوية العملية السلمية على اهم مساراتها ان ترضخ اسرائيل لمنطوق المبادرات المطروحة من قبل المجتمع الدولي بالانسحاب من الاراضي التي احتلتها عام 67 وعودة اللاجئين الفلسطينيين وتفكيك المستوطنات والشروع في رضوخها بتقرير مصير الشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ويوغل شارون في خطأ فادح ان ظن بقبول أي حكومة فلسطينية منتخبة لتلك اللاءات التي طرحها من جديد في خطابه الاخير، ولعل من الغرابة بمكان ان يدعي شارون بعد طرحه تلك اللاءات امكانية وضع قاعدة للتعايش بين الفلسطينيين والاسرائيليين لاعوام طويلة، فالخطاب لم يحمل جديدا يمكن التعويل عليه لتسوية الازمة الفلسطينية العالقة، كما ان شارون مازال متملصا من فكرة عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الاوسط خوفا من تحوله لمنتدى تمارس فيه ضغوط دولية على اسرائيل فتحملها على الرضوخ للواقع والاستجابة لمسوغات السلام ومعطياته.