من المتوقع ان يشجع اتفاق السلام الذي سينهي الحرب في جنوب السودان على تطوير صناعة النفط التي تمكنت من تحقيق نمو مذهل رغم حرب استمرت أكثر من عقدين في المنطقة.
وعلى الرغم من أن من المرجح أن تظل الشركات الغربية على حذرها فيما يتعلق بالسودان فمن المنتظر ان ييسر اتفاق السلام عمليات الشركات الاسيوية التي قادت تطوير الاكتشافات النفطية في السنوات الاخيرة.
وسينهي اتفاق السلام الذي يوقع غدا الاحد في كينيا حربا بدأت عام 1983 في جنوب السودان. وبعد مساومات شديدة بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان التي تمثل المتمردين ضمن الجنوبيين الحصول على نصف ايرادات النفط.
ويبلغ انتاج السودان حاليا نحو 320 ألف برميل في اليوم أغلبها من حقول في الجنوب تمثل شركات صينية وماليزية وهندية المستثمرين الرئيسيين فيها.
وقال تيجو اكاندي المحلل لدى مؤسسة وود ماكنزي لاستشارات الطاقة ومقرها ادنبره : السودان له إغراؤه. فإمكانيات الاستشكاف كبيرة. هذا مثال للموقع الذي تهتم به الشركات الكبرى. لكن المخاطر ستظل قائمة لحين تمكن السودان من حل مشاكله الداخلية.
ويقول محللون: ان الشركات الحكومية التي تعمل على ضمان الامدادات للدول المتعطشة للطاقة في اسيا تواجه ضغوطا أقل من المساهمين فيها عما تواجهه الشركات الغربية من ضغوط من جماعات حقوق الانسان.
وانسحب العديد من الشركات الغربية من السودان في السنوات الاخيرة أو لجأت لتقليص نشاطها.
وفي ظل نشاط الشركات الاسيوية ازدهرت صناعة النفط في السودان ومن المقرر ان يبدأ هذا العام انتاج حقل جديد بالاضافة الى انه من المقرر بدء الانتاج التجريبي من حقل اخر عملاق ومن المتوقع ان يصل الإنتاج الى نصف مليون برميل يوميا في عام 2005.
وتتراوح تقديرات الاحتياطيات بين نحو 560 مليون برميل وأكثر من مليار برميل لكن محللين يقولون: ان مناطق كبيرة من البلاد لم تستكشف وان الاحتياطيات قد تكون أكبر بكثير.
وتبدي الحكومة السودانية تفاؤلها.
ففي ديسمبر قال وزير النفط عوض أحمد الجاز: ان السودان وقع اتفاقا جديدا للتنقيب عن النفط مع شركة لم يذكر اسمها وان من المنتظر توقيع اتفاق آخر للتنقيب في منطقة جديدة هذا العام.
كما أبرم السودان اتفاقا مع الصين لتطوير وتوسيع مصفاة الخرطوم.
وتتفاوض الحكومة أيضا مع شركات هندية وماليزية وأوروبية لبناء مصفاة تبلغ طاقتها التكريرية 100 ألف برميل يوميا في بور سودان بما يزيد امكانيات التصدير.
ويقول محللون: ان الهيمنة الاسيوية على المواقع الرئيسية قلصت فرص الشركات الغربية التي يتوقع في الوقت الراهن أن تتريث الى ان تتم تسوية نزاع دارفور.
ويبعد اقليم دارفور مئات الكيلومترات عن حوض المجلد الذي يمثل منطقة الانتاج الرئيسية في السودان. ولذلك فان الخطر الذي يمثله هذا النزاع على صناعة النفط يأتي من الضغوط الدولية فيما يتعلق بمسلك الحكومة ازاء الازمة بما في ذلك من تهديدات بالعقوبات وذلك رغم أن مجموعة متمردة هاجمت محطة صغيرة لضخ النفط في جنوب دارفور في ديسمبر الماضي.
وقالت كريستين باتروش نائبة رئيس شركة لوندين بتروليوم السويدية: حتى اذا كان النزاع في دارفور لا يرتبط بمسألة النفط فكون البلد يمر بأزمة انسانية بسبب صراع حقيقة لا يمكن أن يتجاهلها أحد. وكانت لوندين قلصت أنشطتها في السودان لكنها تحتفظ بحصة في منطقة امتياز واحدة وقالت المسؤولة ان لوندين ستخطط أنشطتها في 2005 بعد توقيع اتفاق السلام بين الشمال والجنوب.
لكنها أضافت : أغلب مساحات التنقيب حصلت عليها شركات غير غربية ولذلك فالفرص محدودة. وقالت شركة توتال الفرنسية في ديسمبر انها توصلت الى اتفاق مع الحكومة لتحديث الشروط الخاصة بالتنقيب في منطقة كانت الشركة مسؤولة عنها الى أن أرغمتها قضايا أمنية على وقف أنشطتها عام 1985. لكنها أضافت إنه لا يمكن استئناف العمليات الا بعد احلال السلام.