من البديهيات التي يجب على مصممي البيئة (المعماري, المهندس المعماري, مهندس التخطيط, مهندس التصميم الداخلي, ومهندس عمارة البيئة) معرفتها بل تلبيتها في التصميم (احتياجات المستخدمين النفسية) التي تشمل جوانب عدة ومنها الخصوصية (Privacy) والملكية الخاصة للافراد (Territoriality) والاخيرة محددة بنسيج وحدود مرئية وغير مرئية متفق عليها بين الافراد والمجتمعات مبنية على اعراف سائدة بينهم تصب في تنظيم حياتهم وبالتالي سعادتهم.
الا انه غالبا ما يتم انتهاك هذه (الملكية الخاصة) بقصد او بدونه مما يلزم (بضم الياء وسكون اللام) المصمم بضرورة العمل على ازالة ذلك اللبس من خلال اللمسات التصميمية المبدعة التي تحد من (لقافة الغير) او اولئك الساديين الذين يجدون متعة في العديد من تصرفاتهم مثل: ايقاف سياراتهم امام مداخل الغير مثلما يعاني حاليا العديد من اصحاب المنازل الذين ابتلوا بوجود مبان خدمية مثل المدارس والمجمعات التجارية المفتوحة والمغلقة(!!) استباحت ممتلكات واسوار الغير في تعليق دعاياتهم الخرقية والورقية (للاسف تمارسه منذ سنين عديدة شركة عالمية تعنى بالمعارض المحلية والعالمية!!) انتهاك خصوصية الاشخاص ومحارمهم في المناطق الترفيهية من خلال اللصلصة والبصبصة والازعاج, وغيرها من امور غريبة ومنكرة على مجتمعنا, لكن مهما بلغت قدرة المصمم على ايجاد الحلول المبتكرة الخلاقة والعملية تبقى مسألة استخدام الافراد للبيئة خاصة فيما يتعلق بتجاوبهم للانصياع الى ابجديات الأنظمة والتشريع مشكلة حقيقية تنسف جميع ما يعمل او يراد العمل به من جهود خاصة في ظل تهاون بقية افراد المجتمع في التعاون على تطبيق الحدود التي تكفل اجتثاث هذا العبث دون هوادة او محاباة فيمن يقومون به او يتسببون في استمراره.
ثمة أمور متعددة خطيرة اخرى تقع خارج مسئولية المصمم يشترك في تحملها جميع أفراد المجتمع بلا استثناء ومنها ما يتعلق بانتهاك الملكية الشخصية للافراد من حولنا من خلال التدخين السلبي المسئول عن حياة وتعاسة العديد من البشر خصوصا افراد اسرنا المسئولين امام الله تعالى عن رعايتهم وصونهم من جميع الاخطار المحدقة بهم ومنها السموم الكريهة التي نجبرهم يوميا على تنفسها.
مع حلول شهر الصوم المبارك اجدها فرصة مواتية للاقلاع نهائيا عن العديد من العادات السيئة التي ابتلينا بها خاصة تلك التي نستبيح بها حقوق الغير سائلين المولى عز وجل ان يغفر لنا زلات ألسنتنا وهفوات ساديتنا انه غفور كريم رحيم, وكل عام وانتم بألف خير وعساكم من عواده.
الوظائف التي توفرها أهم!!
طالعتنا صحفنا المحلية العزيزة بجملة مانشيتات عريضة تتحدث عن اعداد وانواع المصانع في المملكة التي نتفاخر بها يوميا وينعم بالعمل فيها وافدون! ولاستعراض بعض هذه العناوين الرئيسة اتي تطل علينا بين الفينة والاخرى أورد مايلي: 3566 مصنعا في السعودية باستثمارات 245 مليار ريال, 134 مليار ريال اجمالي الاستثمارات في 498 مشروعا مشتركا 10 مصانع جديدة تحت الانشاء. 363.4 مليون.. قيمة الاستثمارات الصناعية بالاحساء الاول من نوعه على مستوى العالم: مصنع للبتروكيماويات بالجبيل بتكلفة 7 مليارات ريال. بقدر الفرحة العارمة التي تصيب من يتفحص هذه العناوين دون تمعن في المحتوى اصبت بالاحباط الشديد عندما تمحصت بين السطور التي احتوت على ارقام واحصائيات كبيرة جدا (تشبه الفرقعات التي لا تسمن ولا تغني!!) بقراءتها من اليمين الى اليسار تارة ومن اليسار الى اليمين مرة, ومن الاعلى الى الاسفل (بالطريقة الصينية) تارة ومن الاسفل الى الاعلى (بعكس الطريقة الصينية) مرة اخرى علي أن اجد ضالتي المتمثلة في فرص العمل التي توفرها هذه التي اطلق عليها (استثمارات صناعية!!) ولم اجد شيئا يذكر.. تصوروا لا شيء يذكر عن الوظائف التي توفرها هذه المنشآت الجديدة وكأن الاستثمار في بنات وابناء هذا البلد المعطاء ليس مهما بقدر اجمالي الاستثمارات المالية والطاقة الانتاجية ونوعية المواد التي تنتجها هذه المصانع وبحسب ما اورد في هذه الاخبار الصحفية او اريد له ان يكون كذلك!
قد نلتمس العذر مقهورين في فهم ماهية الاخبار المتعلقة بالقطاع الخاص ورغباته الدفينة في تجنب ذكر الفرص الوظيفية التي توفرها منشآته المحلية والمستقبلية لأسباب باتت معروفة ومللنا من ذكرها (؟!) لكن العيب كله ان تصدر (بضم التاء وسكون الصاد) هيئة مسؤولة عن القطاع الصناعي بحجم وزارة الصناعة والكهرباء احصائية عن اعداد واستثمارات المصانع في المملكة دون ان يشير تقريرها (الصحفي المبجل) الى اهم عنصر في مجال الاستثمارات وهو المواطن الذي ركز عليه مرارا وتكرارا ولاة الامر ـ حفظهم الله ـ جميعا بأنه الثروة الحقيقية التي يجب ان يستثمر فيها.
كلمة رجاء اخيرة الى الاخوة الصحفيين والمراسلين في جميع صحفنا بتمعن ما يكتب من اخبار مماثلة في الصحف العالمية التي تولي اهمية بالغة في عناوين اخبارها لفرص الوظائف المتاحة في اي مصنع يراد انشاءه قبل الخوض في امور تفصيلية اخرى لا تقدم او تؤخر.. ايضا التروي قليلا وعدم الانبهار بالارقام والاحصائيات فيما يتلقونه من تقارير واخبار وتمحيصها جيدا قبل نشرها من خلال التركيز على ما ستجنبه من فائدة المواطن البسيط الذي يبحث عن فرص وظيفية ليساهم في تنمية هذه البلاد الخيرة ـ حفظها الله ـ وايجاد لقمة عيش شريفة هنيئة.
كلمة اشادة
للهيئة العليا للسياحة وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز امينها العام في تبيان العديد من الحقائق (وبشفافية تامة دونما خجل من واقع الحال) في تقريرها الاحصائي الاخير الذي قدر الايدي الوطنية العاملة في قطاع السياحة بالمملكة بقرابة 7% (حوالي 12.50 موظف) بداية صحيحة في قطاع يعول عليه الكثير.
