تراجعت الولايات المتحدة مؤقتا عن تهديدها بانهاء عمل بعثة حفظ السلام في البوسنة بسبب خلافها مع اعضاء في مجلس الامن بشأن سلطات المحكمة الجنائية الدولية الجديدة.
لكن المسؤولين الامريكيين هددوا مرة اخرى بوقف عمليات حفظ السلام التي تصرح بها الامم المتحدة اذا استمر المجلس على رفضه مطلب الولايات المتحدة بالا تطال سلطة المحكمة التي ستتولى النظر في جرائم الحرب افراد القوات الامريكية المشاركين في قوات حفظ السلام او مسؤولين امريكيين اخرين في الخارج. واستخدمت الولايات المتحدة في بداية جلسة استمرت ثلاث ساعات امس الاحد حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار للمجلس بمد تفويض قوة حفظ السلام في البوسنة ستة اشهر اخرى لكنها وافقت على مشروع قرار آخر باستمرار عمل القوة حتى منتصف ليل الاربعاء القادم.
جاء هذا التراجع بعد ان قال الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان امام المجلس ان شعب البوسنة بدأ يجني ثمار مساعدة المجتمع الدولي بعد الحرب التي مزقت البلاد بين عامي 1992 و1995. وقال عنان سيكون من المؤسف ان يتسبب انهاء عمل (قوة حفظ السلام) قبل الاوان في تراجع هذه العملية. لا يستطيع العالم ان يتحمل موقف ينقسم فيه الرأي بشدة داخل مجلس الامن بشأن مثل هذا الموضوع المهم الذي يمكن ان تكون له تداعيات على جميع عمليات الامم المتحدة لحفظ السلام. لكن المسؤولين الامريكيين اكدوا تمسك واشنطن بموقفها المطالب بالحصانة لرعاياها المشاركين في مهام حفظ السلام. وقالوا ان المهلة التي تستمر حتى يوم الاربعاء ستتيح للامم المتحدة وقتا اما للتخطيط لانهاء عمل بعثة حفظ السلام بصورة منظمة او نقل المهمة الى الاتحاد الاوروبي قبل الموعد المقرر لذلك بالفعل في نهاية العام. وقال جون نجروبونتي السفير الامريكي لدى المنظمة الدولية للصحفيين عقب التصويت لا يتعلق الامر بهذه البعثة او تلك بل بحفظ السلام عموما. الى ان نتوصل الى حل مرض لهذه المشكلة سيتكرر الامر مرة بعد اخرى. وصوتت 13 دولة من اعضاء المجلس الخمسة عشر منها بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين ضد الولايات المتحدة على القرار الاول الخاص بتمديد عمل بعثة حفظ السلام وامتنعت بلغاريا عن التصويت. ثم جاءت الموافقة باجماع اعضاء المجلس على قرار التمديد لمدة ثلاثة ايام. وقال نجروبونتي ان واشنطن استخدمت بكل الاسف حق النقض ضد القرار الاول. وأضاف لكن في ظل مسؤولياتنا الدولية نحن نعتبر هدفا.. وسنظل كذلك ولا يمكننا ترك قراراتنا عرضة لمحكمة لا نعترف بسلطتها في المقام الاول. ويمكن ان يمثل انهاء عمل بعثة حفظ السلام في البوسنة مساسا بصورة واشنطن التي ساعدت في انهاء الحرب الدموية التي استمرت ثلاث سنوات هناك واطلق عليها تعبير التطهير العرقي. لكنه يمكن ان يحظى بمساندة مؤيدي الرئيس الامريكي جورج بوش المحافظين الذين لا يقبل كثيرون منهم المحكمة الجديدة ولا مشاركة الولايات المتحدة في عمليات حفظ السلام الدولية. وانشئت المحكمة للنظر في جرائم مثل المتعلقة بانتهاكات صارخة لحقوق الانسان وعمليات الابادة العرقية وجرائم الحرب. ورغم احقيتها بالنظر في اي جرائم اعتبارا من غد الاثنين فان ممثل الادعاء والقضاة لن يتخذوا اماكنهم في مقر المحكمة بالعاصمة الهولندية لاهاي قبل مطلع العام القادم. ومعظم اعضاء مجلس الامن اما ضمن الدول الاربع والسبعين التي صدقت بالفعل على المحكمة الجديدة او تنوي التصديق عليها قريبا وهم يقولون ان ذلك يجعل لزاما عليهم عدم الاقدام على شيء من شأنه تقويض المحكمة. كما يقولون ان هناك عديدا من الضمانات التي تحول دون تعرض المحكمة لاي مواطنين امريكيين بغير حق. ولا يشارك في بعثة الامم المتحدة في البوسنة من الولايات المتحدة سوى 46 ضابط شرطة. وانشئت البعثة عام 1995 لتدريب قوة شرطة محترفة متعددة الاعراق من مواطني البوسنة.