أخبار متعلقة
يحاول أن يكتب بلغة سهلة، يعتقد أنها تختلف عن كلمة بسيطة، فهو لا يسعى لأن تكون كتابته معقدة وتحمل تعالياً على القارئ، في الوقت الذي تكون لغته محلقة وبتقنية سردية متنوعة، وبعيدة عن النمطية والتأطير..
مجموعته (ثرثرة فوق الليل) هي مجموعته الأولى، وعلى الرغم من ارتباطها (من ناحية الاسم) برواية (ثرثرة فوق النيل) لنجيب محفوظ، واعتزازه بذلك، إلا أنه يقول إن ذلك مجرد تشابه في الاسم فقط..
وهو يقول لـ (اليوم): إن أي كتابة جديدة ينبغي أن تكون قريبة من الإنسان ومتعمقة في نوازعه وأحلامه، نظراً لأن الكلام عن هموم الناس، وعن أحلامهم، خاصة المهمشين منهم هو أمر بالغ الحساسية، ومع ذلك فهو مع انحيازه لهذه الفئة، فهو لم يتعمد التركيز عليهم في قصصه..
حاورنا القاص الشاب صلاح القرشي، حول مجموعته القصصية الصادرة مؤخراً (ثرثرة فوق الليل).. والقرشي نشط على ساحات الإنترنت، ونشرت قصصه في الصحافة المحلية..
** اللغة البسيطة التي كتبت بها القصص هل هي بسبب الاحتفاء بالجانب اليومي السائر لحياة أبطال النصوص في المجموعة؟
- لاأنظر لها باعتبارها لغة بسيطة، ولكن باعتبارها لغة سهلة غير متكلفة ولا متقعرة أو هذا ما أحاوله على الأقل, ومسألة الاحتفاء بالجانب اليومي لسائر حياة أبطال النصوص له علاقة بنظرتي للقصة القصيرة أكثر مما له علاقة بمسألة اللغة.
** عنوان المجموعة يشي بتناص مع رواية (ثرثرة فوق النيل) لنجيب محفوظ .هل هذا التناص يفسر انحيازك للشخوص المهمشين في الحياة؟
- العنوان هو لقصة من قصص المجموعة وبالتالي لا أستطيع الادعاء بأنه انحياز لشخوص المهمشين في الحياة، وإن كنت منحازا لهم فعلا, والعنوان قد يحمل بعض العرفان للعملاق الكبير محفوظ.. وبعض الولع بروايته العبقرية (ثرثرة فوق الليل). ولكنه في النهاية عنوان لقصة واحدة من قصص المجموعة.
** تطالعنا معظم قصص المجموعة براو بلسانه، يسرد بلغة خبرية تراوح بين عين راصدة للأشياء وحركة الآخرين في الخارج وعين أخرى على الداخل. لماذا كان هذا خيارك في هذه الصيغة السردية؟
- أشعر بأن الشخصيات التي تتحدث عن نفسها تكون أقرب للقارئ, لأنها تمنحه الفرصة أن يختار تصديقها من عدمه, ولا يعني هذا الادعاء بأن استخدام ضمير معين هو أفضل من استخدام ضمير آخر أو أكثر صدقا, لأن الأمر في النهاية يتعلق بالصدق الفني وعدم التكلف, ولعل معظم قصص المجموعة كما تقول تعتمد على ضمير المتكلم, لكن هناك قصصا أخرى كثر تستخدم صيغا أخرى.
** تحتل عملية تصوير النفس الإنسانية حيزا هاما في قصص المجموعة من حيث كون هذه النفس جوهرا محوريا. هذا الرصد الداخلي هل يعكس موقفا محددا من رؤيتك لكتابة القصة؟
- بكل تأكيد, وأعتقد أن أي كتابة جيدة لابد أن تكون قريبة من الإنسان ومتعمقة في نوازعه وأحلامه وانكساراته.. أفراحه وأحزانه, وأعماق الإنسان تشبه كثيرا أعماق البحار, وتخبئ الكثير من الأسرار والغرائب.. وتحتوي على الكثير من المتناقضات, وهناك فرق كبير بين الاقتراب من البحر وبين الغوص في أعماقه.
** شخوص ثرثرة فوق الليل -المجموعة- لم تحضر بأسمائها وإنما بمواصفاتها أو بوظائفها وعلى هذا النحو تحضر مجموعة الأماكن دون تحديد وما نتصوره اسما للمكان. ما رؤيتك لهذا التغييب للاسم والمكان في قصصك؟
- أعتقد أنه من خلال هذا التغييب يحضر الإنسان بعيدا عن أي توصيفات شكلية تتعلق بأسماء أو أمكنه, ولا أرى أن كتابة القصة القصيرة تحتمل الحضور البارز للمكان كما أن الاسم قد لايضيف شيئا مهما, لأن الأهم في نظري هو حضور الإنسان بكل ما يحمله من ألق, فهو قد يكون أنا أوأنت أوهو أوهي, ذلك أن الحزن والخوف والقلق والحلم والفرح والبكاء والانتظار والجنون...الخ ..لا تحتاج إلى مكان يؤطرها أو اسم يحددها.
** هناك من يرى أن قلة الأحداث وغلبة المواقف والمشاهد انعكست على البناء اللغوي كيف ترى العلاقة بين لغة النص والتكنيك الذي يتبعه القاص؟
- أقدر كثيراً أهمية اللغة لكنني أعتقد أن الاعتماد على عامل اللغة فقط لايمكن أن يقدم قصة أو رواية جيدة.
يهمني في مسألة اللغة ألا تكون متكلفة وأن لا يطغى الاهتمام بالمحسنات اللغوية على الحدث, ويهمني أيضا أن تبتعد لغة القصة عن لغة الخاطرة الممتلئة بالشعرنة والزوائد اللفظية. وهذا ما حاولته في هذه المجموعة, لا أعرف هل نجحت,أم لا لكنني حاولت.
صورة ضوئية لغلاف (ثرثرة فوق الليل)