كان دور الام في السابق ومتطلبات القيام به كوظيفة محدودة للغاية, فلم تكن المشاكل التربوية بهذا التعقيد, ولم يكن الابناء بهذا العصيان ولم تكن التداخلات الخارجية في القضايا التربوية بهذا التوسع, اما اليوم فعلى الام ان تتسلح بالكثير من المهارات التربوية بل وبكثير من العلم والثقافة والمرونة لتستطيع ان تربي لها اثنين من الابناء.
ولم تكن الزوجة سابقا تعاني ازدواجية في المفاهيم والقيم تتبعها ازدواجية في الادوار, فقد كانت سابقا تكتفي بدور المتلقي لما يمنحه الزوج ان كان ماديا او عاطفيا, الى دور يعد اليوم اكثر فعالية وشراكة تعطي فيه بقدر وتطالب فيه بقدر.
ولم تكن المرأة كأنثى بحاجة او على دراية بكل هذه المستجدات العصرية من صالونات التجميل وادوات التجميل والنوادي الرياضية والاطباء التي تعمل على المحافظة لها على صحتها وانوثتها واطالة امدهما قدر المستطاع.
لم تكن ادارة المنزل "ماليا" بحاجة لمهارات اقتصادية كاليوم, فليست هناك رواتب لخدم ولا هناك قروض ولا هناك مشتريات بالاقساط ولا هناك طلبات للأولاد لا لها اول من آخر.
صحيح ان هذه الوظائف لم تتغير مسمياتها (زوجة وام وامرأة وربة منزل) الا ان تشعب وتعدد احتياحات هذه الوظائف جعل من امر القيام بها والنجاح في ادائها بحاجة لا الى مهارات فطرية فحسب بل بحاجة لاعداد مسبق وتأهيل مدروس.
كانت الامهات او الزوجات في السابق تكتفي الواحدة منهن بما تكتسبه من مهارات تنتقل اليها تلقائيا من معايشتها امها ومراقبتها كيفية ادائها لتلك الوظائف, انما فوجئنا نحن حين تولينا بدورنا هذه الوظائف بمشاكل وتعقيدات لم نعهدها في بيوتنا فكان علينا ان نشحذ قوانا ونبذل جهودا مضاعفة لتطوير مهاراتنا حتى نستطيع ان نعبر بسفينتنا بر الامان.
لذا فان علينا مستقبلا لا من اجل بناتنا فحسب بل من اجل سلامة مجتمعنا ككل اعادة الاعتبار اولا لتلك الوظائف الاجتماعية وعدم التعامل معها وكأنها الخيار الاخير للفتاة حين تستنفذ الخيارات الاخرى (المفضلة).
ثم علينا اعادة النظر في مهام تلك الوظائف ودراستها جيدا لنعرف كيفية توصيف هذه الوظائف التوصيف الذي تستحقه بعد القراءة الجديدة لها.
لقد بدأت بعض الدول الغربية بفتح معاهد لتأهيل ربات البيوت وهناك منظمات اجتماعية لا حصر لها تعنى بتطوير مهارات ربات البيوت, وهناك مجلات متخصصة مبيعاتها كثيرة تتوجه فقط لربات البيوت ولكن من منطلق المنظور الجديد لهذه الوظيفة الادارية المعقدة.
من الضروري ان نبين هنا ان المسألة لا علاقة لها بعمل المرأة خارج المنزل او ببقائها في المنزل, انما بوظائف انثوية محددة استهين بها ولم نحسن تقديرها (المرأة,الزوجة, الام, مديرة منزل). فقد بات من المتعارف عليه في مجتمعاتنا ان تختار الفتاة البقاء في البيت لانها لم تكمل تعليمها او لان مهاراتها محدودة فتختار (الاسهل) وتبقى في البيت كربة منزل!!
أي انه كتب على هذا المنزل ان يدار دوما من قبل من لا تملك خيارات اخرى (افضل)! وبالنظر للادوار التي تلعبها اليوم المرأة كزوجة وكأم وكمديرة منزل وكأنثى سنجد انها بحاجة لمهارات تفوق كثيرا ما تحتاجه المرأة المؤهلة لإدارة اكبر الشركات او المؤسسات. لقد اصبحت هذه الوظائف من التعقيد بحيث يصعب على من لا تملك المهارات الكافية ان تنجح في ادارتها وقد تتسبب ربة البيت هنا بضعف مهاراتها في كوارث يدفع ثمنها المجتمع. وليس الامر تجملا للرجال او محاولة لكسب ودهم -حتى وان كنا نعلم ان هذا الموضوع سيلقىاستحسانهم- بل ان المسألة ابعد من ذلك بكثير, نحن نرى قضية طالها من التشويه ما طال وتسببت الالتباسات التي تبعت ذلك التشويه بنتائج دفعت ثمنها الاسرة ككل لانها اعتبرت خيار البقاء في المنزل هو خيار الفتاة القليلة الحيلة والخبرة والمهارة وهذا ما علينا ان نعيد النظر فيه من جديد.