سعادة رئيس التحرير
ما فتئ الإنسان يصور أحداث الكون والمجتمع بشتى الوسائل الفنية والرمزية والكتابية ويعد المسرح في أجمل مظاهره وإبداع صوره وأحداثه احتفال فني يقدم في شكل درامي بالكلمة اللغوية والإشارة المعبرة وحركات الجسد وملامح الوجه من أجل إعادة الأحداث والوقائع الماضية إلى حياة الناس في صراع حواري يبرز الأبعاد الاجتماعية والنفسية والروحية وبذلك لازم المسرح حياة الإنسان منذ أبعد العصور مثله في ذلك مثل الفنون الأخرى الشعر والرسم والقصه وليس المسرح غريبا على الأمة العربية فقد أثبتت الدراسات التاريخية ان التراث العربي عرف المسرح منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد في بلاد ما بين النهرين في عهد الأكاديين وفي العهد العباسي وازدهر هذا الفن فظهر مسرح الدمى في أحضان الخلافة العباسية وكان سائدا في الأوساط الشعبية يروي صاحب كتاب الدارات أن الشاعر دعبل الخزاعي المتوفي سنة 861م هدد أحد أبناء طباخي المأمون بأنه سيهجوه بقصيدة ليجعله أضحوكة بين اقرانه فقال له الغلام إذا هجوتني فسأخرجك من خيال الظل (يعني المسرح اليدوي) رجلا أحمق.
كما اشتهر جمال الدين أحمد الملقب بابن دانيال الذي هاجر من الجزيرة العربية إلى مصر أيام سلاطين المماليك بمسرح الظل وكان يفتتح المسرح بأبيات من الشعر.
خيالنا هذا لأهل الرتب
والفضل والبذل لأهل الأدب
حوى فنون الجد والهزل في
أحسن سمط وأتى بالعجب
وفي العصر الحديث ظهر الحكواتي في المشرق والمغرب العربي وفي القرن الثامن عشر 1750م مثلت كثير من المسرحيات في تونس في عهد الباي ثم تشكلت أول فرقة مسرحية في مصر مع الممثل مارون النقاش سنة 1840م وقدم مسرحية (البخيل) سنة 1847م ثم انتشر بعد ذلك في جميع دول العالم العربي إلى ان أصبحت اليوم لا تكاد تجد مدينة عربية تخلو من خشبة المسرح باعتباره فنا نبيلا يغذي المواهب ويرقى الأذواق وينشر الوعي الوطني وينقل تراث الأمة إلى الأجيال القادمة.
سلطان محمد حمدان الجهني
القصيم - بريده