عندما غصت شركة الاتصالات بالملايين من الريالات ـ اقصد الملايين من الاتصالات ليلة العيد ـ اختنقت واحتضرت ولفظت انفاسها الاخيرة ـ مؤقتا ـ واعلنت وفاتها على جميع الاجهزة فانطمست علامتها المميزة من شاشة الجوال وراح الناس ـ الذين لايعلمون مثلي ـ راحوا في (حيص بيص).
وحيص بيص لفظ مركب من كلمتين معناهما: اختلاط او شدة او حيرة لا محيص عنها. وتنطق بفتح الحاء والباء وبكسرهما على السواء ـ نعم راح الناس في حيرة وذهول.. مما جعلهم يتهمون جوالاتهم الاليفة والمألوفة بالخلل الفني.. والا فما معنى اختفاء ما على الشاشة مما بها من معلومات لازمة لا زبة فكل من رأى صديقا له او حتى غير صديق او معرفة سأله: عندك شبكة؟
فينظر هذا الصديق الى جواله واذا به يكتشف ان شاشته ممسوحة.ش
وعندما يئس الناس ـ اقصد حاملي الجوال ـ عندما يئسوا من استحالة سماع احبابهم واصدقائهم عبر الشبكة المتخمة بالملايين من الريالات/ الاتصالات.
عندما يئسوا من سماع كلمة (الو) لجأوا الى (البديل) الى (الرسائل) الجوالية. وصارت الجوالات تعطي تلك الاشارة الضوئية والصوتية التي تعني ان الرسالة قد ذهبت لصاحبها الذي ارسلت له.
طيط: تم ارسال الرسالة.
فتنفس الكثير من حملة الجوال الصعداء.. ظنا منهم ـ ظنا يقرب من اليقين هنا ـ ظنا منهم انهم قد وجدوا طوق النجاة في هذه المعمعة، وكلما كتب احدهم رسالة وارسلها همس جواله بنغمة (طيط) وضحكت في وجهه الشاشة بحروفها السوداء التي نصها (تم ارسال الرسالة) فابتسم ابتسامة الرضا. وكأن الامر قد تم بالفعل في الوقت نفسه.. النكتة ان الكثير من حملة الجوال كانوا يعزمون اصدقاءهم واقرباءهم ومعارفهم على الغداء يوم العيد بواسطة الرسائل لعدم وجود خدمة الصوت استغناء بالبديل عن الاصيل.. ولم يعلموا انهم مثل ذلك الذي استجار بعمرو.
==1==
فالمستجير بعمرو عند كربته==0==
==0==كالمستجير من الرمضـــاء بالنار==0==
==2==
اقول: لم يعلم هؤلاء المستجيرون بالرسائل من (الو) ان هذه الرسائل مثل الطائرات في مطار (هيثرو) كل رسالة تأخذ دورها في الاقلاع.. والكمبيوتر حقاني ما يؤمن بالواسطة ولا المحسوبية. ومافيش حد احسن من حد. لذلك غاب كثير من الاحباب والاصدقاء عن موائد احبابهم.. وذلك بفضل او قل بفعل الشبكة او قل الشركة. لان رسائل دعوة الغداء وصلت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.
الغريب في الامر ان الناس ـ مثلي ـ الغوا ارقام التلفونات الثابتة من ذاكرتهم ومن ذاكرة جوالاتهم لان الجوال (صياد) وساهم الجوال في اضعاف ذاكرة الناس بل في الغائها عند البعض الذي يحبذ الكسل والاتكالية.
قال لي احدهم بل اقسم على ذلك: انه نسي تلفون بيته الثابت.. لا ن كل افراد اسرته عندهم جوالات وارقامهم مبرمجة.. وخلاص مشكلتنا في العالم الثالث اننا لا نستعد لاسوأ الاحتمالات التي قال عنها كارنيجي وقبله قال بها الامام علي رضي الله عنه فيما نسب اليه من نظم حيث يقول:
==1==
يمثل ذو اللب في نفســــه==0==
==0== مصـــــــــــــائبه قبل ان تنزلا
فان نزلت بغتة لــــــــــم يرع==0==
==0== لما كان في نفســــــه مثلا
رأى الامر يفضــــي الى اخر==0==
==0== فصيـــــر اخـــــــــــــــره اولا
وذو الجهل يأمن ايــــــــامه==0==
==0== وينسى مصارع من قد خلا
فان بدهته صروف الزمــــان==0==
==0== ببعض مصــــــائبه اعـــــولا
==2==
رسالة:
وحتى لا نعول.. علينا في ذي الحجة باذن الله ان نبدأ بالتهنئة والدعوة ووو.. من يوم واحد ذي الحجة حتى لا تحترق اجهزة ومقسمات الشركة التي ماعندنا غيرها وتكون الخسارة علي وعليك. هاه.. هل وصلت الرسالة؟