والمساعدة على الزواج للمحتاجين من افضل موارد صرف الحقوق الشرعية، لانها تحقق غرضين اساسيين في وقت واحد، هما قضاء الحاجة، وحماية الاخلاق والقيم، لذلك افتى الفقهاء بانه يصح ان يصرف من اموال الزكاة لتزويج المحتاجين للزواج، مع ضعف وضعهم الاقتصادي.
ولا يجب اعلام الفقير المحتاج الى الزواج ان المدفوع اليه زكاة، بل لو كان ممن يترفع ويدخله الحياء منها، وهو مستحق، يستحب دفعها اليه على وجه الصلة ظاهرا والزكاة واقعا.
كما ان مساعدة المحتاجين للزواج تعتبر من افضل موارد البذل والصدقة لانها تعالج حاجة ماسة حقيقية، وتسهم في تعزيز امن المجتمع وسد ثغرات الفساد والانحراف، كما انها استجابة للحث الالهي والديني على الانكاح والتزويج، وان ذلك من احب الامور الى الله تعالى، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ان قال: (ما بني بناء في الاسلام أحب إلى الله عز وجل من التزويج).
ان انشاء صندوق خيري لمساعدة المحتاجين للزواج، هو افضل اسلوب لتحقيق وانجاز هذا المطلب الديني الاجتماعي الهام، فعبر الصندوق تنتظم امور هذا السعي المبارك، وتدرس حالات الافراد، وتقدر لهم احتياجاتهم، والعمل الجمعي انفع وابرك من الاعمال الفردية. فينبغي المبادرة الى انشاء هذا المشروع الهام في كل مدينة وقرية، وان يدعم الناس الصناديق القائمة ماديا ومعنويا لتؤدي وظيفتها المقدسة على افضل وجه.
ولابد ان نشيد هنا بالدور الرائد الذي يقوم به صندوق الزواج الخيري في مدينة صفوى، والذي تأسس عام 1993 وصرف حتى عام 2000م مبلغا قدره 3.668.583 ريالا لمساعدة 357 شابا على الزواج عبر برنامج القروض والاعانات.
وصندوق الزواج الخيري في سيهات والذي تأسس عام 1992م والذي صرف حتى عام 2000م 1.777.952 ريالا قروضا ومساعدات، استفاد منها 225 شخصا للزواج.
والصندوق الخيري للزواج في القطيف 1999م والذي صرف خلال سنتين من تأسيسه مبلغا قدره 405.949 ريالا لمساعدة 64 شابا على الزواج بين قرض واعانة.
انها تجارب رائدة جزى الله القائمين عليها والمتعاونين معها خيرا وينبغي ان تنال حقها من الاشادة والتشجيع وان يحتذى بها في بقية المناطق والمدن.
لان الزواج حدث هام في حياة الانسان، بل لعله اهم حدث يترك تفاعلاته العميقة في وجدان الانسان ومشاعره، ويؤثر في مجريات حياته، كما ان له انعكاساته الاجتماعية على المحيطين بالمتزوج، لذلك من الطبيعي ان ترافقه مراسيم احتفاء، وبرامج اعلام واظهار، تتيح الفرصة للتعبير عن مشاعر الفرح والسرور، عند المتزوجين والمحيطين بهما، وتكشف عن مدى تعاطف الاخرين وتقديرهم بالمشاركة والتفاعل.
ومراسيم الزواج هي اعلان عن ولادة كيان اجتماعي جديد، وتأسيس علاقة محترمة في شرع المجتمع واعرافه، وايضا فانها توثيق لروابط المحبة والود والتآلف بين ابناء المجتمع.
من هنا شجع الاسلام على الاحتفاء بالزواج، واقامة مراسم مناسبة له، كصنع الوليمة والاطعام، وزفاف العريسين.
بالطبع يمكن لمراسيم الزواج ان تتطور اساليبها وبرامجها، مع اختلاف العصور والمجتمعات والظروف لكن ما ينبغي التنبيه اليه امران:
اولا: ان تبقى في اطار مراعاة الاحكام الشرعية، فلا يجوز شرعا ان يحصل تجاوز لاحكام الستر والحجاب بين النساء والرجال الاجانب عليهن.
ومن المخالفات الشرعية تداول تصوير حفلات الزواج النسائية، وتسربها الى الرجال الاجانب.
وقد نشرت جريدة الوطن السعودية يوم الجمعة 1422/4/1هـ ص33 تحقيقا من الدمام حول الموضوع تحت عنوان (تسرب اشرطة حفلات الزواج بالسعودية يثير مشكلات اسرية بعضها ينتهي بالطلاق).
ثانيا: الحد من المبالغة المتصاعدة في هذه المراسيم والتي تثقل كاهل المتزوجين واهاليهم، حيث تستنزف مبالغ طائلة، وجهودا مضنية تجعل تكاليف الزواج باهظة معقدة، مع ما نعيشه من صعوبة في الظروف الاقتصادية.
والملاحظ استمرار الزيادات والموضات الجديدة، فيما يرتبط بحفلات الزواج والتنافس على عقدها في اضخم الصالات، حيث تصل التكلفة في بعضها الى 70 الف ريال، وتقديم الولائم بطريقة فيها الكثير من الاسراف والتبذير، ثم التفاخر باغلى الفساتين لليلة الزفاف، واحدث موديلات السيارات للزفة، والى قائمة من العادات والتقاليد المرهقة الباهظة.
ان المجتمع بحاجة الى ثقافة واعية لتغيير هذه العادات والتقاليد، والى مبادرات شجاعة من قبل فتيان وفتيات يتمردن على هذه الموضات والموديلات في مراسيم الزواج، ويعودون بها الى حالة البساطة واليسر، كما تؤكد تعاليم الاسلام يقول الله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر).