سوف تتعدد الاحتمالات التي تتولد في ذهن القارىء للرقم (8) الذي جاء عنوانا، فيه بعض الغرابة، لهذه الزاوية: اقرب تلك الاحتمالات انه يعني ثمانية ابيات شعرية، يتغزل بها احد مجانين ليلى بالجوال الذي تحمله ليلاه، وكيف ان صوته في اذنه يفجر انهارا من الضوء، وحدائق من الموسيقى، وجنة وارفة من الاحلام الزرقاء، وكيف ان هذا الجوال يملك من الطاقة الشعرية ما يهزم به كل الشعراء بدءا من قفا نسمع حتى انشودة المطر.
اما الاحتمال الابعد: فهو ان ثمانية من الفلاسفة اجتمعوا في (كهف افلاطون) الشهير، وراحوا يتصارعون حول (اليوتوبيا) فبعضهم يرى انها خرافة غناء تريح الذهن من وعثاء السفر. والبعض الاخر يعتبرها ايضا حديقة غناء لا خرافة، وان هذه الحقيقة سكنت فيها الشمس، فهي لا تحتاج الى دليل:==1==
وكيف يصح في الاذهان شيء==0==
==0==اذا احتاج النـــــــهار الى دليل؟==2==
وبين الاحتمالين الابعد والاقرب يمكن تصورك قطيعا من الاحتمالات، او سربا من الظنون الملونة حسب قدرتك على التخيل.
مثلا: يمكن تصور ان الرقم يعني ثمانية اعمال ابداعية، بين الرواية والشعر، فازت باعجاب السادة المثقفين على امتداد ابراجهم العاجية، او سراديبهم المغلقة، وبخاصة تلك الرواية (زبيبة والملك) التي تعتبر حقا (ام الروايات).
وقد يكون خيالك متواضعا، اي ذا جناح واحد فقط، فتتصور ان الرقم يعني ثمانية رؤوس من الفجل اشتريتها توا، واعجبت بلونها الاخضر، ورؤوسها البيضاء المنتفخة مثل اي كرسي دوار في دائرة حكومية.
كل هذه الاحتمالات يمكن ان تدور في الذهن. ولكني لم افكر في اي منها حين وضعت العنوان. انه ببساطة انبثق في ذهني حين قرأت في هذه الجريدة خبرا يقول: ان جملا قد بيع بثمانية ملايين ريال.
نعم. ثمانية ملايين ريال، عدا ونقدا، قيمة جمل واحد. وهنا تذكرت ظاهرة شعرية جاهلية: هي ان الشعراء كانوا يصفون الناقة في حلهم وترحالهم. وهم معذورون لانهم لم يعرفوا قيمة الجمل في زماننا هذا، ولو عرفوها لتغير الشعر العربي كله.