من جماليات اللغة انبثق شاعراً للكلمة، كتب الشعر في البدايات قبل ربع قرن! لكن جنس القصة جذبه نحو عالم أرحب. (آخر ما جاء في التأويل القروي) و(زمن العشق الصاخب) مجموعتان تمثلان حسن النعمي ذلك الفتى الشاب المسكون بالطموح والأمل، والمسكون بالفرح..
عاد إلى أرض الوطن يحمل الدكتوراة من أمريكا.. يحمل الفكر الجاد، ويطمح إلى إكساب أصدقائه (الطلاب) المعرفة الجادة، والعلم المفيد.
وبجانب عمله الأكاديمي نراه يقيم الأمسيات، ويؤسس المسرح الجاد ونادي القصة ليلتحق عضواً فاعلاً بنادي جدة الأدبي ويكون جماعة (حوار) التي أسهمت بفاعلية في تحريك الساحة الثقافية بالمملكة..
حدث كثيب قال ماذا قال؟ و (رجع البصر) قراءات ومقاربات نقدية، هل قدمت نقداً جديداً؟ و (رواية) قابعة لديه في أدراجه، متردد في إخراجها ما السبب؟
تنتظر الناشر أم الموزع أم المتلقي؟ أم تنتظر التوقيت المناسب لإخراجها؟
(النعمي) هو البحر من أي الجهات أتيته! ويكفيه فخراً أنه الوجه الثقافي (الفاعل) بجدة.
لم يوقفه طموحه عند حد.. استطاع دخول مناخات كثيرة.. تلون بالثقافة وحدها.. لم يكن له لون آخر.. ولم يكن له أي حسابات أخرى غير الثقافة وحدها التي كانت هاجسه الأول والأخير.. فمن القصة إلى النقد إلى المسرح.. كلها مجالات كان له يد فيها..
لم يكن طفيلياً، لكن ظروف الساحة الثقافية المحلية كانت تملي عليه.. كأنه واجب وطني استدعاه ليلبي النداء..
النقد واجب لإثراء الساحة بما ينقصها.. والمسرح لأنه استدعي للقيام بأداء مهام تجاهه.. والقصة لأنه تشرب بها منذ بداياته الأولى.. فكيف يوفق بين كل هذه الاتجاهات..
لا شك في أنه لم يتمكن من تلبية جميع النداءات لكنه كان صادقاً مع نفسه ومع فنه الذي يتوجه له، ولذلك كان عطاؤه موفقاً، لكن الساحة مازالت مثل تنين يفتح فمه ليطلل المزيد.. والنعمي بدوره سيلبي النداء فيما يبدو، فهو الآن يواصل المسير عبر منتدى حوار، ويبدو أيضاً أنه لن يتوقف، فالنهر يواصل التدفق.