اختلف بينالي الشارقة الدولي للفنون في دورته السادسة عن دورات البينالي السابقة بشكل كبير, وتباينت الآراء بين الرضا او عدم الرضا عنه, وتعدى ذلك الفنانين العرب الى فناني دولة الإمارات العربية المتحدة الذين حرم عدد منهم من المشاركة مع عددهم الأكبر بين الفنانين التشكيليين المشاركين من الدول العربية فالملاحظ ان الوجود العربي في هذه الدورة جاء محدودا وعلى سبيل المثال شارك من المملكة العربية السعودية الفنان بكر شيخون فقط ومن لبنان جلال توفيق وبلال خبيز وطوني شكر ومن مصر مدحت شفيق, ومن العراق وشيروان خان.
ومن البحرين منيرة الجلاهمة ورنا الخميري وأنس الشيخ ووجدان المناعي. أما من الإمارات العربية المتحدة فهناك عبدالله السعدي وحسن شريف وحسين شريف وكريمة الشوملي وخليل عبدالواحد ومحمد أحمد ابراهيم ومحمد كاظم.
ومن فلسطين رشيد مشعراوي وشريف واكد ومن الكويت طارق الغصين اما بقية المشاركين فمن عدد من الدول الإسلامية مثل إيران وبنغلاديش وباكستان وماليزيا والأجنبية كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وجنوب أفريقيا وألمانيا والنمسا واليونان وهولندا والمكسيك والنرويج.
واليانان وكندا وكوريا الجنوبية والصين وسنغافورة وإيطاليا ويوغسلافيا والدنمارك وغيرها, والملاحظ ان بعض الفنانين العرب او غير العرب من المقيمين خارج بلدانهم. وغابت عن البينالي الأجنحة الرسمية الي قام عليها خلال الدورات السابقة, وبدت ملامح هذه الدورة مغايرة بشكل كبير عن الدورات السابقة التي حرص القائمون فيها على استقطاب النتاج العربي بكثير من الخلط وأحيانا المجاملة, ومع الهدف الذي وضعه البينالي ضمن مواده في الفقرة الثانية والذي يقول: بتأصيل الأطر الخاصة والعامة للحركة التشكيلية العربية ووضعها على مستوى الطموح القومي للثقافة العربية المعاصرة تأكيدا لتلاحمها وكذلك نقل الحركة التشكيلية العربية من اطارها المحلي والجغرافي لتتسع وتنتشر على المستوى العالمي وتعميق حوارها المثمر والفعال مع الأعمال الإبداعية العالمية في المجال التشكيلي وتنمية ذوق المواطن العربي للقيم الجمالية من خلال ترسيخ وتعزيز الموروث الثقافي والحضاري لديه, فان مثل هذه الأهداف قد غيبت عن هذه الدورة التي لم يحرص القائمون فيها حتى على تثبيت هويات بعض الفنانين في اصداراتهم كدليل البينالي.
ويبدو ان مقيم البينالي السيد (بيتر لويس) المشارك مع السيدة حور القاسمي دورا في ان تظهر دورة البينالي الجديدة على هذا النحو المنحاز الى نوع من التغريب او التهميش الحضور العربي خلاف الدورات السابقة, وبعيدا عن قدر الاختلاف او الاتفاق مع شكل هذه الدورة الا ان النقلة الى هذه الصيغة من التنظيم كانت كبيرة وقد شطحت عن بعض أهداف البينالي الأولى مع أهمية الانفتاح على ما هو حديث وجديد في عالم الفن.
قسمت صالتا المعرض في متحف الشارقة الوطني ومركز أكسبو الى غرف او أجنحة خاصة بكل فنان, خاصة في المتحف, واشغلت هذه القاعات المربعة بعروض الفيديو على نحو لافت, كما عرضت أعمال فوتوغرافية وأخرى توثق لفكرة ما, وأعمال تركيب او تأليف وغيرها, وحضرت اللوحة بشكل محدود وأحيانا بمثابة تخطيط (اسكتش).
حور القاسمي مدير البينالي أشارت الى ان البينالي يستضيف في هذه الدورة 118 فنانا من 25 بلدا, وان البينالي يحدد نقاشا أبعد ليس داخل معايير الهوية الوطنية ولا خارجها, بل على التخوم, في منطقة وسطى, نازعا هذه التصنيفات الحاسمة الخاصة بالبلدان واضعا في مكانها الهويات القائمة على الممارسات الفنية الجديدة, هذا التصنيف الموسع (الفن) هو نفسه غالبا ما لا يتميز بعلامات محددة, ويمكن القول انه عمومي وهو يتيح الفرصة لما هو جذري او مختف للحصول على الاعتراف لكنه يستخدم كمبدأ تنظيمي, مضيفة: ان الهدف الأكاديمي للبينالي يتمثل في رصد الثقافة والبحث عن التطورات الجديدة وتعريفها لايجاد لغة وتعريف للسلوكيات الفنية المتداخلة النامية وللتعاون وتضيف: ان ما يهدف اليه البينالي السادس يتمثل في رصد الثقافة بوساطة احصاء لشروط الفن الجديد وعلاماته ويعكس بهذا الفن نواحي ثابتة كالأفكار الملحة والشواغل والهموم وآلام الناس والحلم بمجتمع يتم التعبير عنه بالمعايير الحساسة لوضع جديد, والجماليات التي تنبثق من ذلك كله. من الجوانب اللافتة في البينالي المطبوعات ونوعها, فقد طبع كتاب توثيقي كبير يباع بقيمة مائتي درهم إماراتي وهو وثيقة هامة للبينالي رصد شهادات أو رؤى او مقالات للمشاركين, وتم اخراجه وطباعته على نحو من الفخامة خلاف دليل المشاركين الذي تضمن معلومات موجزة لحياة الفنان, وصورا ولقطة تمثل تجاربه او أعماله المشاركة في البينالي, أما المطبوعات الأخرى فكانت عن الفنانين المكرمين وهم وجدان علي بن نايف وشاكر حسن آل سعيد وسليمان منصور وحسن شريف, وخص البينالي شاكر حسن آل سعيد بكتاب عن بعض رؤاه وأفكاره الفنية التي كتبها في أعوام سابقة, وهو ما قام به البينالي لبعض المشاركين كمحكمين او مشاركين في ندواته مثل شربل داغر وعمران القيسي ومحمد الجزائري, وهي مطبوعات جيدة ومطلوبة في مثل هذه المناسبة لاغناء المكتبة العربية, ومع أهمية ان تقدم جديدا وهاما بمستوى الحدث والاهتمام, ووفاء لذكرى الفنان الكويتي الراحل عيسى صقر أقيم معرض لأعماله في معهد الفنون وضمن المعارض الاستعادية اقيم معرض لادوار تشيليدا من أسبانيا, وتضمن مجموعة من التخطيطات لأعماله النحتية, وأقيم لجورج صباغ وشاكر حسن آل سعيد ووجدان علي بن نايف وحسن شريف معارض خاصة.
البينالي جاء على هذا النحو لتقديم صيغة مغايرة ومختلفة على درجة من الأهمية في ان ينفتح على العالم, وان غلب انحيازة او ابتعاده عما هو مطروح في الوطن العربي من صيغ تحديثية او محاولات جديدة, ويظهر بجلاء غياب مغربي وسوري وأردني وسوداني وقطري ويمني وجزائري وليبي وغيره.
ولم يحصل من الفنانين العرب على جوائز البينالي سوى أحد فناني الإمارات وخطوة فوز احد فناني الدولة المضيفة متبعة في العديد من المعارض او البيناليات خاصة العربية, وهو ما هو ملحوظ في دورات سابقة للبينالي.