بزوغ نجم التيار اليميني المتشدد وهيمنته على اتجاهات الشارع الأميركي منذ وصول الجمهوري بوش الابن وامتلاك الجمهوريين لغالبية في الكونغرس بعد الانتخابات النصفية الأخيرة، ليس محض صدفة أو ضربة حظ وإنما نتيجة جد طبيعية لمؤسسة
heritage foundation تنك تانك لنشر عقيدة اليمين المتشدد في الأوساط الأميركية العامة منذ ثلاثة عقود تقريباً وبموازنة سنوية لا تقل عن 25 مليون دولار.. وتعتمد مؤسسة كالهرنج على أساليب إتصالية فاعلة سواء من خلال كوادرها الذين يظهرون في المحطات الإخبارية الأربع كمعلقين على أحداث أو مروجين لجرعات مقننة من الردود على سياسات لا عقائد وأفكار.. هذا بالإضافة للملخصات الإعلامية التي تضخ في ماكينة الإعلام الأميركية صحافة مطبوعة أو إلكترونية إو إذاعة وتلفزيون.. للمعلومية فقط، فإن الهرنج تفاخر اليوم وهي تحتفل بعيدها الثلاثين أنها روجت لعقيدة الدفاع الاستراتيجي في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريجن ووقوفها بقوة وراء ما عرف باقتصاد العرض وتسهيل الإعفاءات الضريبية على الشرائح الأكبر من قطاع الإنتاج لمزيد من النمو الذاتي.. وتحرير الشركات الكبرى من أنظمة المحاسبة.. ودعمها اللامحدود للترويج لأعمال سرية لجهاز السي أن أيه من تحويل جماعات فكرية متطرفة وثوريين في دول تدور في فلك ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى تشجيع تمرد واشنطن على التنصل من معاهدات التسلح والبيئة (كويوتو) ويفوت على كثير من المحللين والمتابعين للسياسة الأميركية أن يلاحظوا بدقة الأساليب المؤسسية الذكية في تمرير الأطروحات وتوقيت مواجهة عقائد سياسية مقابلة ونوعية من يتولون ترويج تلك الأفكار ومتى وفي أية محطة تلفزيونية أو عبر أدوات العلاقات العامة الذاتية. بل قد يتعاطى معظم أن لم يكن الغالب الأعم في عالمنا العربي هنا سواء في الصحافة أو في الفضائيات بأسلوب سطحي يعكس معرفتهم بالأنظمة السياسية التقليدية في منطقتنا التي تربط السياسات وتفسرها من خلال الزعامات والرموز السياسية.. هذا فعلاً زمن العقائد في عصر الإعلام الإلكتروني وتسارع نبض المعلومات التي تملي آليات عمل قادرة على الوصول والنفاذ والتأثير في الرأي العام وفي حضور مؤسسي مذهل يكرس لصور كلامية عن العالم وأحداثه الكبرى من خلال مؤدلجين حزبيين أمثال جين كيبا كتريك مندوبة أميركا في الأمم المتحدة الفارطة وويليام بنيت وزير التربية السابق وأدوين ميس وجاك كمب وغيرهم..