رغم عمل مئات الصحافيين من كل انحاء العالم على تغطية فصول هذه الحرب على العراق ودقائقها تبقى هنالك اسئلة كثيرة دون اجوبة ، ومن هذه الاسئلة حجم الخسائر الحقيقية في صفوف الفريقين خاصة الجيش العراقي او سبب عدا ظهور القوات العراقية النظامية.
ولم يأت وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف الذي يعتبر المصدر الوحيد تقريبا للمعلومات في الجانب العراقي ولا البيانات العسكرية العراقية على ذكر اي عدد للخسائر في صفوف القوات العراقية ولا في العتاد العسكري العراقي الا لماما.
وقال المحلل العسكري المصري العميد الركن صفوت الزيات ان سبب ذلك يكمن في ان المجتمعات والنظم السياسية في العالم العربي تعتبر ان عدد القتلى بين العسكريين هو من الاسرار العسكرية التي قد يؤدي الكشف عنها لا سيما في المراحل الاولى من الحرب الى هدر كبير في المعنويات في صفوف العسكريين وفي المجتمع المدني. واضاف ان هناك عدم مرونة في النظرة الى المؤسسة العسكرية، وهناك جزع من تمرير معلومة او رقم فهذه امور تعتبر من المحظورات.
واعتبر ان هذه الظاهرة تندرج في اطار التركيبة الثقافية والسياسية عموما في المجتمعات العربية التي تختلف عن المجتمعات الغربية حيث يتم التصريح عن عدد القوات وعديدها وامكنة انتشارها وخسائرها، ربما لان المجتمع يحاسب صانعي القرار في الغرب.
وافادت حصيلة نشرتها وزارة الدفاع الاميركية ليل الاثنين الثلاثاء ان 91 من جنود الجيش الاميركي قتلوا منذ اندلاع الحرب في العراق في 20 من مارس. وكانت القوات الاميركية والبريطانية تعلن بين الفينة والاخرى عن قتلى تقول انهم قضوا بنيران صديقة.
وقال الزيات ان الاعلان عن الخسائر والقتلى بقي امرا غامضا في كل الحروب التي شهدها العالم العربي، موضحا ان الاعلان عن الخسائر قد يؤشر الى نقص في القدرات القتالية، وان النظم السياسية قد تخشى ان يتم تحميلها تبعة خسائر الحرب كونها هي المسؤولة احيانا عن التورط فيها. واشار الى ان الاستثناء الوحيد في هذا الموضوع هو حرب اكتوبر 1973 عندما اعلنت مصر عن خسائرها.
ورأى ان السبب هو البعد القيمي الذي كان لتلك الحرب التي كانت حرب تحرير حقيقية لشبه جزيرة سيناء المصرية التى احتلتها اسرائيل عام 1967.
واعتبر المحلل العسكري انه يصعب تقدير عدد الضحايا العسكريين العراقيين.
واعلن ضابط اميركي ان نحو الف جندي عراقي قتلوا في معارك عنيفة اثناء توغل للدبابات الاميركية داخل العاصمة في ذلك اليوم. ويرى العميد الركن الزيات ان هذا العدد في معركة واحدة يمكن تصديقة.
في هذا الوقت، يلف الغموض ايضا عدد القتلى المدنيين في الجانب العراقي، لا سيما ان مصادر الحديث عن هذه الخسائر تتنوع بين وسائل الاعلام والمسؤولين العراقيين.
وتشير تقديرات اجريت استنادا الى ارقام اعلنتها الحكومة العراقية منذ بدء النزاع، الى ان الحرب اودت بحياة ما بين 484 الى 856 عراقيا. ويرى المحلل العسكري ان الجانب العراقي يقول الحقيقة في هذا الشأن فهو يريد ابراز عدد المدنيين الذين يسقطون ليوجه رسالة عن مدى العنف الذي يستهدف المدنيين من جانب قوات التحالف.
ومن الاسئلة التي تبقى من دون اجوبة في الحرب، سؤال حول اماكن انتشار الجيش العراقي. اذ ان التقارير الصحافية المصورة لم تحمل خلال كل ايام الحرب صورا لجنود في الجيش النظامي العراقي على اي جبهة من جبهات القتال. وفيما كانت بعض التحليلات العسكرية تتحدث عن استعداد هذه القوات لمعركة بغداد الكبرى، خلت شوارع العاصمة وحدودها من هذا الوجود، كما بدا جليا يوم امس الاول مع دخول القوات الاميركية اليها.
ويفسر ذلك عندما تم تدمير جزء من القوات العراقية بالقصف الجوي وبالتحديد في جنوب بغداد، يمكن ان تكون هذه القوات عادت الى الداخل لتعمل كقوات خاصة، وليس على شكل قوات نظامية.
وقال في حرب المدن والعصابات عندما يصبح القتال من بيت الى بيت ومن شارع الى شارع لا حاجة الى اظهار القوات النظامية، قد تكون صدرت تعليمات للجنود بارتداء الزي المدني. وارجح انهم متواجدون في اماكن معينة في طبقات ابنية معينة وفي ساحات معينة.
واعتبر المؤرخ البريطاني جون كيغن في مقال نشر في صحيفة ديلي تلغراف البريطانية امس ان الجيش النظامي العراقي كان اول من ارسل الى جنوب بغداد ويبدو ان عناصره عمدوا الى الفرار ما ان راوا ان المعارك قد تكون خطرة. الا ان الزيات اعتبر ان هذه افتراضات وتبقى افتراضات خاصة.
وقال الواقع يدل ان مقاومة العراقيين اليوم افضل مما كانت عليه عام 1991".
واضاف "قد تظهر الحقيقة بعد الحرب ولكن حتى الآن ليست لدينا شواهد تؤكد انهيار الجيش العراقي.