اتفاق التفاهم الذي تم توقيعه بين الحكومة السودانية وحركة الجيش الشعبي برئاسة قرنق يمكن وصفه بالاتفاق التاريخي اذ انه يضع اطاراً للحل المستقبلي الشامل خاصة في المسائل الاساسية المتعلقة بالدين والدولة وحق تقرير المصير للجنوب.
فبعد 20 عاما من حرب أهلية راح ضحيتها اكثر من مليون شخص يأتي هذا الاتفاق بمثابة الامل للشعب السوداني ويضع حدا للمشكلة الاكثر تعقيدا في قارة افريقيا، مما يدفعنا الى الاشادة بالشجاعة السياسة للحكومة السودانية وحركة قرنق وهي شجاعة لابد منها للسياسيين في لحظة من اللحظات لطي صفحة الماضي واعادة تأهيل الواقع بما يتناسب مع آفاق المستقبل حرصا على الوئام السلمي في سودان موحد قادرعلى ان يكون رديفا لامته العربية.
لابد من القول ان الشجاعة السياسة ضرورة في اكثر الاحيان حين تستعصي المشاكل وتصبح هدفا لاي مغرض يريد تمزيق الوحدة السودانية حتى لو اضطر السياسي الى تقديم تنازلات لابد منها، فبعد هذه السنين من حق الشعب السوداني ان يتفرغ لبناء مستقبله في التنمية والرخاء.. ولعل من المناسب الاشارة الى ان الاتفاقات السابقة بين الحكومات السودانية وحركة قرنق لم تدم طويلا لاسباب جلها تدخل في باب تسجيل النقاط والمناورات السياسة وهي علة سياسية يعاني منها العالم الثالث بامتياز من اجل توازنات الحكم الوهمية وهي تأتي على حساب الشعوب وعلى حساب استقرارها وامنها.
ليس مبالغا فيه ما جاء في وكالات الانباء العالمية من وصف الاتفاق بانه ليس مبالغا فيه ما جاء في وكالات الانباء العالمية من وصف الاتفاق بانه تاريخي خصوصا، انه يضع معيارا يمكن ان تحذو حذوه العديد من بلدان القارة الافريقية التي تعاني مثل طبيعة هذه المشاكل المستعصية ان بناء الثقة بين الحكومة السودانية وحركة الجيش الشعبي يحتاج الى مساحة زمنية يمكن قطعها متى ما توفرت النيات الحسنة ومتى ما توفرت المصداقية لدى العقيد قرنق خصوصا حين يلغي من اجندته السياسية نهائيا فكرة فصل الجنوب وهو ما نعتقد ان قرنق قد تعلمه بعد سنين طويلة من الحرب الطاحنة التي جربها دون مردود ودون ان يحقق هدفه في فرض الرأي بقوة السلاح.
لاشك ان حكومة الرئيس البشير حققت انتصارا سياسيا بمذكرة التفاهم التي وقعتها واثبتت قدرتها على تجاوز الظروف الصعبة التي عصفت بها طوال السنين الماضية ومنحت شعبها السلام والامن وهو مطلب اي شعب يريد ان يكون له دور في صناعة التاريخ والمستقبل.