لأي حرب قاموسها "الخاص" .. معنويا وماديا ولغويا.
هذا القاموس يستمد مفرداته أحيانا من لغة تتجاوز المنطق وتصل إلى حد الاستعداء وكسب العداوات التي قد يكون البعض في غير حاجة لمتاعب جديدة.
والخطاب الإعلامي "الرسمي" يتأرجح ما بين إعلام يعتمد "نصف الحقائق" مقابل إعلام لا يرى إلا "نصف الأكاذيب".
جوبلز وزير الدعاية النازية أيام هتلر ، اعتمد المزج بين "الأكذوبة" والتهويل الصارخ، في تحويل الهزيمة إلى انتصار مزعوم ، وأصبحت الأكاذيب في غمضة عين وكأنها حقائق لا تقبل الجدل أو النقاش أو حتى التسليم بجزء منها.. وللأسف وقع بعض إعلامنا العربي في هذا الفخ عبر مراحل معينة من تاريخنا الحديث.
ولأن قواميسنا "اللغوية" ما زالت كما هي لدى بعض العقول ، نجد أن استدعاء بعض المفردات القديمة غير القابلة للترجمة قد أصبح وسيلة في وقت تحتاج فيه "الحرب الإعلامية " إلى لغة واضحة وبسيطة تنقل المعنى مباشرة بدلا من التحليق وراء عنتريات البراعة اللفظية.
مشكلة بعض أجهزة الخطاب الإعلامي أنها "تستوحي" تعاليمها من نظريات لا تبدو واقعية للوهلة الأولى ، ومشكلة بعض القائمين عليها أنهم يتصورون انهم في عصر الصورة يستطيعون السيطرة على المعنى بالجري خلف استدعاءات "سجعية" تشد الواهمين والمغرّر بهم أو الحالمين بتجاوز واقع كانوا أول المتسببين فيه ، وبهذا تكون المصائب أكثر من أن تحصى ..
مصيبة العيش في كهوف لا ترى ما يحيط بها، ومصيبة التغرير بوعي أو بغير وعي بالكثيرين الذين يحاولون القفز على معطيات متعددة .. والأخطر من هذا كله ، مصيبة فقدان السيطرة على النفس واللسان والكلمات والألفاظ .. في وقت تكون الحاجة فيه أشد لوجود بعض التعاطف من "الأقربين" على الأقل.
وكأننا في حاجة لمزيد من المصائب..
وكأن ـ يا سادة ـ مصيبة واحدة لا تكفي!!
اليوم