لقد سعت الدول النامية الى اكتساب التكنولوجيا من الدول الصناعية من خلال اتباع عدة طرق لعل اكثرها شيوعا هو استيراد السلع والمنتجات التي تنتجها الدول المتقدمة.
وهذه احدى صور نقل التكنولوجيا ولكنها صورة سلبية لكون هذه المنتجات
تستورد بهدف استهلاكها أي تستورد لاغراض استهلاكية وليست انتاجية.
كما سعت دول اخرى الى شراء المصانع الجاهزة مباشرة حيث تتولى وفق هذا الاسلوب الشركات العالمية المتعددة الجنسيات بناء المصنع وتقديم كامل الاجهزة الخاصة به مع تقديم الخدمات التكنولوجية اللازمة، وما يعيب هذا الاسلوب من النقل التكنولوجي تلك القيود الصارمة التي تضعها الشركات المتعددة الجنسيات على انشطة البحث والتطوير الخاصة بالتكنولوجيا التي قدمتها للمستثمر المحلي في الدول النامية ، أي انها تسمح باستخدام التكنولوجيا المقدمة كما هي دون ان يكون له الحق في تطويرها، ويتم املاء هذه الشروط في ظل عدم التكافؤ في القوة التفاوضية للطرفين ، حيث تتمتع الشركة العالمية بالخبرة الفنية الطويلة والمعرفة التكنولوجية والمقدرة الرأسمالية الضخمة التي قد تعادل الميزانية السنوية لمجموعة من الدول النامية ، في حين لا يملك الطرف المتلقي للتكنولوجيا سوى السيولة المادية التي تمكنه من اكتساب التكنولوجيا ، ومما يعيب ذلك الاسلوب ايضا كون الشركات العالمية المتعددة الجنسيات التي تعد المنتج والمسيطر الاكبر في الوقت الراهن على معظم التكنولوجيا المتاحة بالعالم، تصر على تقاضي مبالغ باهظة مقابل تقديمها للتكنولوجيا . فهي تبحث بالدرجة الاولى عن تحقيق اكبر قدر من الارباح .
ومن الاساليب الاخرى التي برزت من خلال تجارب العديد من دول العالم هي المشاركة مع شريك محلي، حيث تقدم له الشركة العالمية الخبرة الفنية اللازمة بما فيها الاجراءات الخاصة بمنح التراخيص مع اسهام نسبي في رأس المال. كذلك فان هناك اسلوب الاستثمار المباشر وذلك بقيام الشركات العالمية بفتح فروع لها في الدول النامية وعادة تكون نسبة المشاركة مع الشريك المحلي (50 ـ50 ) مع اقتسام المخاطر .
ومن الواضح اذن انه ليس امام الدول النامية في ظل الوضع السابق الا ان تضاعف من جهودها في سبيل توليد التكنولوجيا ، بمعنى ابتكارها وانتاجها بدلا من شرائها واستهلاكها. ويمكن ان يأتي لها ذلك عن طريق عدة وسائل اهمها تكثيف انشطة البحث والتطوير، وتقديم الدعم الكافي من القطاعين العام والخاص الى هذه الانشطة.
كما ان هناك جانبا في غاية الاهمية ينبغي العمل على توفيره وهو (المناخ او البيئة الصحية) اقتصاديا واجتماعيا التي تهتم بالخلق والابتكار وتعزيز قيمة البحث العلمي، والتي تشجع على احداث التطوير في كل القطاعات ، ويمكن توفير ذلك المناخ الصحي من خلال المناهج التعليمية وكذلك عن طريق التوعية عبر وسائل الاعلام المختلفة.
وكذلك عن طريق تطوير العنصر البشري من خلال توفير التدريب العالي والمتخصص للمصادر البشرية التي تعتبر هي الاساس في كل تقدم تكنولوجي.