أوصى رئيس مجلس الشورى أمام و خطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل .
وقال في خطبة الجمعة أمس ان اللبيب من تفكر فى ماله و الحازم من تزود لارتحاله والعاقل من جد فى أعماله نظر فى المصير وجانب التقصير ترك الحطام واجتنب الحرام فخذوا بالحزم من اموركم رحمكم الله فأمامك يوم لا ينفع فيه الندم ولايفيد فيه الأسف إذا زلت القدم يوم تبعثون "يوم لاينفع مال و لابنون الا من أتى الله بقلب سليم" .
واضاف قائلا انها أيام حزينة وأوقات عصيبة وصفحات من التاريخ مظلمة تواجه الانسانية جمعاء اشكالية اختلاط الحق بالباطل واختلال موازين العدل و اضطراب معايير الحكم وكأنها فى ليل بهيم او فى نفق مظلم او فى صحراء من التيه واسعة يتساءل المتسائل و يحار العاقل عن حقيقة ما يجرى، ان امم الأرض اليوم امام اختبار شديد ان على هذا العالم و هو الموصوف بالمتحضر و هو الذى يرسم معالم التقدم عليه ان يرتقى بإحساسه و نظرته الإنسانية الى ماهو جدير به من وصف التحضر و المدنية لابد من علو صوت العقل و الاحتكام الى ميزان العدل و سلوك مسلك الانصاف.
واستمر فضيلته قائلا : تقوم حرب مسعرة ومعارك ضارية تدور رحاها فى ارض العراق المسلم الشقيق جثث متناثرة واشلاء ممزقة واخرون مفقودون واخرون مأسورون ومحسورون مآس و نكبات و قتل بالمئات و تكريس لكل آليات الدمار بل غرس للكراهية و تكريس للأحقاد و تكديس للضغائن و نشر للبغضاء وتجاوز للاعراف و المواثيق والقوانين مؤكدا انه يجب ايقاف هذه الحرب فورا والتوقف عن هذا الاعتداء .. وقال انها حرب خاسرة ليس فيها رابح ان الحق و العدل و الانصاف يقتضى الوقوف مع الشعب العراقى المسلم فى مأساته ورفع معاناته يجب على عقلاء العالم واصحاب القرار من كل مكان ان يدركوا العواقب الوخيمة و الاثار المدمرة من الكراهية والعداوة والبغضاء يجب التجاوب مع نداءات العالم و صوت ضمير الانسانية .
واوضح الشيخ ابن حميد ان عالم اليوم يحتاج الى المواثيق العادلة والاتفاقيات الواضحة والتى يخضع لها الجميع لايستثنى منها احد من دول العالم كله صغيره و كبيره قويه و ضعيفه نامية و متقدمة كما يحتاج الى النوايا الطيبة و التعاون الجاد الصادق من اجل اسعاد الناس جميعا يجب اطعام الجوعى و علاج المرضى و بسط الامن و نشر العلم و مكافحة الجهل و بسط العدل و تثبيت الحق (يأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير) هذا هو النداء الى العالم اجمع اما النداء لامتنا فيجب نبذ الخلاف وتوحيد الرأى والوقوف صفا و احدا فى مواجهة المتغيرات العالمية و الثبات على نهج الوحدة القائم على التوحيد وتحقيق الحرية الحقة باخلاص العبودية لله رب العالمين.
واكد ان رهان الشر على الامة كان و لايزال و سيظل متوجها الى محاولة زعزعة الصفوف و النيل من و حدتها وقد قال لها ربها (ولا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين) وحدة لايذل فيها مظلوم و لايشقى معها محروم ولايعبث فى ارضها باغ ولايتلاعب بحقوقها ظالم ان الوحدة و التضامن تضحية ومساندة و شد على الروابط و الاواصر وصدق فى المواقف و توافق فى الامال والالام مهما كلف ذلك من متاعب ومصاعب .
وخاطب فضيلته المسلمين قائلا : ايها المسلمون ان جل الخلاف الذى فرق الامة يرجع الى داخل نفسها ان كثيرا منه يرجع الى طغيان الهوى وحب الغلبة و الرغبة فى الاستبداد و تتبع الزلات واشهار الهفوات مع ما يقترن بذلك ويصاحبه من سوء الادب فى الحديث و الحوار و الهمز واللمز والغيبة والنميمة عياذا بالله وهذا كله يولد غفلة شنيعة عما يعقب الانقسامات الصغيرة من مضاعفات جسيمة هى المهلكة و هى الحالقة .
وقال امام وخطيب المسجد الحرام : ان الأمة لاتصاب من الخارج ولاتحيط بها الشدائد ولا تلحقها النكبات الا بعد ان تصاب من الداخل ان الحصن الحصين للامة فى هذه الازمة من الدوامات المتلاحقة يكمن فى الاميان بالله وحده و صدق التوكل عليه وحسن الاعتماد عليه وتفويض الامور اليه والاستمساك بشرعه ثم فى تأزر المجتمع وتماسكه .
واوضح ان الازمات والاحداث تحتاج اول ما تحتاج الى رص الصف وصدق الموقف والتلاحم حتى يفوت على الاعداء والعملاء فرصتهم فى البلبلة وبث الفرقة وذهاب ريح الامة .
وبين انه فى هذه الاجواء ومع التقدم فى وسائل الاتصال يجب الحذر ثم الحذر عما يشيعه المرجفون وتتناوله آلات الاعلام وتتناقله وسائل الاتصال وشبكات المعلومات من شائعات واراجيف فى عصر السماء المفتوحة والفضاءات التى تمطر اخبارا وتلقى احاديث و تعليقات لا تقف عند حد لابد من التمييز بين الغث و السمين ان الاراجيف و الشائعات التى تنطلق من مصادر شتى ومنافذ متعددة انما تستهدف التآلف والتكاتف وتسعى الى اثارة النعرات و الاحقاد ونشر الظنون السيئة وترويج السلبيات وتضخيم الاخطاء .
وشرح ان الاشاعات والاراجيف سلاح بيد المغرضين واصحاب الاهواء و الاعداء والعملاء يسلكه اصحابه لزعزعة الثوابت وهز الصفوف وخلخلة تماسكها مما ولد موت الشعور وعدم الاكتراث باحداث الامة و همومها ومصيرها شائعات و اراجيف يقذفون بها فى مجالس عامة ومنتديات مفتوحة لاتثبت امام التحقيق ولا تقف امام التحري.