كنت متوجها نحو المسجد لأداء صلاة الظهر وقد سبقني سائقي الآسيوي اليه ثم استوقفني فجأة قبل دخولي ليريني كدمات حمراء في ظهره ويده اليسرى واستغربت جدا لأنه خرج أمامي قبل دقائق لا يشكو من شيء فماذا حصل له؟
ثلاثة شبان في سيارة مرسيدس قديمة الموديل مروا بالقرب منه خففوا السرعة.. أحدهم أخرج عصا وضرب بها سائقي وهربوا يضحكون ويقهقهون لفعلتهم!
ماذا حصل للسائق؟ بالطبع تألم، انقهر، لا يعلم ماذا يصنع فهذا الوطن ليس وطنه ومن عادته أن يتصرف من باب (يا غريب كن أديب) خصوصا أنه جاء ليبحث عن لقمة العيش وهي دائما ما تكون صعبة وقبل دخولي المسجد سألته إن كان قد دون رقم لوحة السيارة فأجابني بالنفي وقال انه سمع صوت السيارة من خلفه وهو يمشي فابتعد لليمين لكي يفسح للسيارة الطريق إلا أنه فوجىء بضربة موجعة من الخلف لم تجعله يركز وعليه فقد ضاع الرقم فأخبرته أني سآخذه الى المستشفى بعد الصلاة فذكر أنه لا داعي والوجع بسيط ولكن الأثر النفسي بالطبع عظيم.
وحيث صلى في المسجد بعد هذا الاعتداء مباشرة فماذا بظنكم أنه سيطلب من رب العباد العادل بين عباده؟ ان الحقوق عنده لاتضيع وهل فكر هؤلاء المستهترون ان دعوة المظلوم مستجابة ولا يوجد حجاب يمنعها من الوصول الى السماء وكيف يتوقعون النجاح في حياتهم الدنيا قبل الآخرة فهل شباب على هذه الشاكلة يصبحون عماد الأوطان؟
ففي أيامنا السابقة قبل دخول الملهيات وعندما كان الناس هم الناس والجيران هم الأهل وحسن الخلق هو المتعارف عليه بينهم يندر أن تجد سيىء الخلق بهذه الصورة ويتكاتف الجيران لنصحه وعادة يخجل منهم ولا يعود الى ما استوجب النصح ففي السابق كنا أجسام شباب وعقول كبار أما الآن فتجد بعضهم أجسام شباب وعقول أطفال فلا تكاد تتناقش مع احدهم حتى يثور لأتفه الأسباب من باب أن الحق معه كأنه هو ولا أحد غيره وتجد أحدهم يقود السيارة في الشوارع يتعداك بسرعة جنونية وبعد قليل يخفف سرعته وأنت تتعداه وبعد قليل يزيد السرعة وهكذا لا يلوون على شيء أوهدف وهؤلاء الشباب من هذه الطينة ـ وأنا لا أعمم ـ يقابلهم شباب يتسابقون على المساجد ولا نسمع عنهم إلا كل خير وعندما أقارن كيف كنا وتعاملنا مع الذين أكبر منا سنا وعندما نجلس في المجالس تجدنا آخر المجلس عند الباب أما الآن فان بعض الشباب يسابق على تصدر المجالس وأرجع تصرف هؤلاء الطائشين الى نقص الدين وليس العقل بعضهم يملكون من العقل ما يوزن جملا ومن الدين ما يوزن أبرة وقد علمنا ديننا الحنيف أن الصغير يحترم الكبير وأنه لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى وكما قال تعالى في محكم كتابه (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
وكما قال سبحانه: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) فأي منكم وقعوا فيه؟ هدانا الله واياكم الى قول الحق وفعل الحق ولهم أيضا ندعو بالهداية والصواب.
زكي اسماعيل قبوري
عقيد بحري ركن متقاعد