سقطت روما العجوز الغابرة عندما فقدت مبررات عظمتها المزيفة بفناء نقيضها الحضاري مجسدا آخر ( قرطاجنة) التي أحرقت قلاعها وأبراجها وهدمت على رؤوس سكانها وحرثت أرضها بعد ان غطاها جنود رو البواسل بأطنان من الملح الأجاج نهاية قرطا جنه البشعة بكل تفاصيلها جمدت الدماء في شرايين حكماء وفقهاء روما , رغم الصخب العامر والفرح المعربد في صدور القادة العسكريين السكارى بانتصارهم الكبير ذلك ان اللحظة التي تلاشى فيها من افق روما كل تهديد وخطر مادي هي بنفسها اللحظة التي اكتشف فيها هؤلاء الحكماء والفقهاء حقيقة الفراغ والفقر الصمتي والرفض الذي يعانيه مشروع (روما) الحضاري وفهموا من ثم ان مركب الخيلاء والانتصارات الذي استقلته روما وهي تخوض في بحر امجادها سيغرق حتما فيه .. إذا لم يتم تدارك الخطر الداهم الذي لوح قاب قوسين أو ادنى ... هذا الواقع الجديد المربك جعل روما تجند كل طاقتها العقلية والفكرية من أجل البحث عن منفذ للأزمة فتحققت هذه الجهود والطاقات عن حل مبدع تبنته الإمبراطورية , خلاصته ضرورة البحث عن (النقيض الحضاري الإمبريالي ولكن في تلك اللحظة التاريخية لم يكن البديل حاضرا و فكان لابد من توهمه او اختراعه وتصوره على صورة من الصور وهنا ظهرت في قاموس الرومان كلمة (البرابرة ) التي تضم في مدلولها ومعناها كل الشعوب والجماعات التي لم يستوعبها المجال الحيوي للحضارة الرومانية , الطريف والمفارقة أن مثل هذا السيناريو التاريخي الذي عاشته روما الغابرة في ماضيها يتناسخ الآن مع تاريخ إمبراطورية معاصرة هي الولايات المتحدة الأمريكية التي قضت على عدوها الايدلوجي وسوت بمملكته الأرض ثم اضطرت الى اختراح عدو وهمي اطلقت عليه اسم الارهاب .. فهل يتكرر سقوط روما مرة أخرى.
محمد مسلم