وقع رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات مساء أمس الثلاثاء رسميا قرار استحداث منصب رئيس الوزراء الفلسطيني الذي صادق عليه المجلس التشريعي بعد مداولات مطولة.
وقال المستشار الرئاسي نبيل ابو ردينة إن عرفات وقع قرار استحداث منصب رئيس الوزراء ويتعين الآن نشره في الجريدة الرسمية وبعد ذلك سيكون بالامكان تولي محمود عباس (المعروف بابو مازن) مهام منصبه.
وأنهى الفلسطينيون اخيرا عملية استحداث منصب رئيس وزراء لسلطة الحكم الذاتي معلنين بذلك بداية مرحلة جديدة في تاريخ القيادة الفلسطينية مع تقليص سلطات ياسر عرفات الذي تربع منفردا على عرش القيادة الفلسطينية منذ اربعة عقود.
فقد اقر المجلس التشريعي الفلسطيني في ختام مداولات انطلقت الاسبوع الماضي قانون استحداث منصب رئيس الوزراء، بعد التوصل الى تسوية مع عرفات حول التعديلات التي اراد ادخالها على صلاحيات رئيس الوزراء.
وتم اقرار القانون بغالبية 69 صوتا مقابل صوت واحد.
وأجرى اعضاء بارزون من حركة فتح اتصالات مكثفة مع عرفات اسفرت عن التوصل الى حل وسط تخلى بموجبه الرئيس الفلسطيني في نهاية الامر عن مطالبه، وابرزها صلاحية تعيين واقالة الوزراء.
واكد وزير الاشغال العامة والاسكان عزام الاحمد وهو احد اعضاء المجلس التشريعي عن حركة فتح انه بموجب التسوية التي تم التوصل اليها امس، ارفقت مذكرة تفسيرية بالقانون الصادر عن المجلس التشريعي، تنص على طرح تشكيلة الحكومة على عرفات قبل طرحها على المجلس.
وجاءت موافقة عرفات على تعيين رئيس وزراء نتيجة ضغوط مكثفة مارستها اللجنة الرباعية التي تضم مندوبين عن الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة.
واكد مسؤولون ان موافقة عرفات جاءت بعد تلقيه تحذيرات بان معارضته التخلي عن عدد من صلاحياته ستؤدي الى خسارة فلسطينية كبيرة مع اندلاع الحرب على العراق.
وقال مسؤول مقرب من عرفات رفض الكشف عن هويته: نفهم جيدا محاولة عرفات الاحتفاظ بصلاحيات واسعة، انه جريح ويدرك ان لا مفر.
ولا يزال عرفات بصفته رئيسا للسلطة الفلسطينية قائدا أعلى للقوات الفلسطينية يسيطر على معظم الاجهزة الامنية ما عدا الشرطة والامن الوقائي والدفاع المدني التي انتقلت الى صلاحية مجلس الوزراء.
ويحتفظ عرفات كذلك بالمسؤولية عن العلاقات الخارجية، لكن الحصار المفروض عليه من قبل اسرائيل والحظر الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة عليه منذ اكثر من عام لن يترك له الكثير في هذا المجال.
وفي المقابل رحبت الادارة الامريكية واسرائيل بترشيح محمود عباس (ابو مازن) أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لمنصب رئيس الوزراء واعربت الادارة الاميركية عن استعدادها لاستقباله حال توليه مهام المنصب بشكل رسمي.
وقال وزير الخارجية الامريكي كولن باول أمس ان استحداث منصب رئيس وزراء فلسطيني خطوة ايجابية الى الامام لكن الولايات المتحدة كانت ترغب بان يتمتع بصلاحيات اكبر من تلك التي منحه اياها المجلس التشريعي الفلسطيني.
وأوضح باول خلال لقاء مع مراسلي وكالات انباء عالمية في واشنطن: كنا نفضل ان يمنح رئيس الوزراء سلطة اكبر لكن رغم ذلك فان هذه خطوة الى الامام ايجابية.
وقال باول: ننظر الى هذا القرار بايجابية وسنقدم خريطة الطريق الى رئيس الوزراء عندما سيتولى منصبه رسميا.
واضاف: لقد اعجبت بقرار هذا المجلس فقد رفض محاولات الرئيس عرفات الهادفة الى جعل رئيس الوزراء مسؤولا امامه.
وختم باول يقول: سنرى الآن ما اذا كان رئيس الوزراء هذا سيكون له السلطة التي نعتبرها ضرورية لجعل الشعب الفلسطيني يتقدم باتجاه ايجابي اكثر.
وتنص خريطة الطريق التي اعدتها اللجنة الرباعية حول الشرق الاوسط خصوصا على اقامة دولة فلسطينية على مراحل بحلول العام 2005.
وقال الرئيس الامريكي جورج بوش الجمعة الماضي إن هذه الوثيقة ستوزع ما ان يتولى رئيس وزراء فلسطيني يتمتع بصلاحيات فعلية مهامه.