ولا بد من أجل تجاوز إشكالات هذه التداخلات من التعرض إلى قضيتين رئيستين، الأولى: عدم تجانس الظاهرة، التي تتحكم في هذه المصطلحات، حيث إن مبدأ «القيمة» يشتغل من خلال وسائل المكافأة والعقاب، وكذلك من خلال الدوافع والمحفزات، التي هي جزء من منظومة عائلة المشاعر. فعندما نتحدث عن مكونات المشاعر (مثلاً: الخوف والغضب والحزن والاشمئزاز)، فنحن نتحدث بالضرورة عن كل تلك الوسائل، لأنها جميعا عوامل مساعدة في نشأة الظاهرة، وتتداخل باستقلالية في تنظيم الحياة. إذاً مكونات المشاعر هي بالتأكيد جوهرة التاج المدمجة في تيسير التعامل مع البيئة من حول الإنسان، وبالتالي تسيير أمور حياته.
أما القضية الثانية: فهي التفريق بين المشاعر والأحاسيس؛ فبالرغم من كون كلاهما جزءًا من دورة مرتبطة عناصرها بشدة، إلا أنه يمكن التفريق بين تبعية كل جزء من تلك الدورة إلى أي من الجانبين. ولا يهم في الواقع ما نستخدمه من مصطلحات للإشارة إلى أي من هذين الموضوعين البيولوجيين؛ لكن هذين المصطلحين يمكن أن يفيا بالغرض، بكون الأول هو المرحلة المبكرة (غير المعالجة)، والثاني هو النتاج المتأخر (المرتبط بالوعي). فالمشاعر معقدة، وتتضمن عمليات مبرمجة مسبقًا من خلال الثقافة، وأفعالا مرتبطة بالتطور الجيني والحضاري. لكن الأفعال تتعرض لاستكمال إدراكي، يحتوي أفكارًا محددة وصيغًا إدراكية إضافية؛ غير أن عالم المشاعر في مجمله حلقة من الأفعال، التي تقوم بها الأبدان، بدءًا من تعابير الوجه وأوضاعه الفسيولوجية، إلى التغيرات في الأحشاء والأجهزة أو الأوعية الداخلية فيها. وفي المقابل، تكون الأحاسيس هي الاستقبال المركب لما يحدث في أبداننا وفي عقولنا، عندما نتعرض لمكونات المشاعر. وفيما يخص البدن، فإن الأحاسيس صور للأحداث أكثر منها أحداثًا بعينها؛ لذا يكون عالم الأحاسيس بمجمله عمليات استقبال وفهم يجري تنفيذها في خرائط الدماغ.