والحقيقية أن الأزمة المالية كشفت عن مدى أهمية المعلومات الجيدة فخلال فترة ازدهار الرهن العقاري لم تتمكن الجهات التنظيمية من تتبع نسبة التخلف عن السداد أو حجم الديون الممولة للقروض ولم يستطع مسؤولو هذه الجهات رؤية الكيفية التي ارتبطت بها أجزاء مختلفة من النظام المالي، أو رصد تضخم المشتقات المالية الجديدة وتفاقم في المخاطر في تلك المنطقة من السوق العقارية، ونتيجة لذلك فشلوا في إدراك حجم الكارثة القادمة.
كان الهدف من مكتب الأبحاث المالية المستحدث هو تفعيل حق توفير البيانات المفقودة وتحليلها وتقديمها إلى مجلس الرقابة على الاستقرار المالي المنشأ حديثا وهو المسؤول عن مراقبة المخاطر التنظيمية في الأسواق، وقد منحها الكونجرس امتيازات وصلاحيات خاصة. وتميز المجلس باستقلاله المالي، حيث يجري تمويله من خلال رسوم اختبارات تقييم البنوك وليس مخصصات الكونجرس وهي معفية من جداول الأجور للخدمة المدنية.
كما حصل المجلس الرقابي على حق إصدار مذكرات استدعاء؛ إذا لم يتمكن من الحصول على المعلومات التي يحتاجها من وكالات أو شركات أخرى.
بدا ذلك جيدا على الورق، ولكنه لم يعمل جيدا في الواقع، فبالفعل كانت بعض الوكالات الأخرى بطيئة في مشاركة البيانات وترددت وكالة الأبحاث المالية في إصدار مذكرات استدعاء، ولم يتمكن مجلس مراقبة الاستقرار المشار إليه آنفا من ضمان التعاون المطلوب.
ونشرت وكالة الأبحاث بعض الأبحاث المهمة وسلطت الضوء على أسواق الإقراض قصيرة الأجل، ورغم أنها ساعدت على تطوير معايير عالمية للبيانات لكنها لا تزال بعيدة عن توفير نظام إنذار مبكر للأزمات المالية.
ومع وجود علامات على وجود فائض في الأسواق المالية سيكون الوقت مناسبا الآن لمضاعفة جهود وكالة الأبحاث المالية بشرط أن يبدأ ذلك بتعيين قائد ليحل محل «ريتشارد بيرنر» الذي تنحى في أواخر العام الماضي. ويجب على الكونجرس إعطاء سلطة مباشرة لمجلس مراقبة الاستقرار على وكالة الأبحاث المالية التي تعد حاليا جزءا من وزارة الخزانة مع توفير القدرة على طلب المعلومات من الوكالات ذات الصلة. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون لهذه الوكالات دور في تحقيق استقرار مالي، إضافة إلى مهامها الأخرى، فمن الصعب استمرار الوضع الحالي دون تغيير فعال.
وأوضح التقرير أنه بدلا من تعزيز دور وكالة الأبحاث المالية تعمل إدارة ترامب على تقويضها، فبحسب ما ورد على لسان مسؤولي وزارة الخزانة فإن ميزانية المكتب ستخفض بمقدار الربع، وأنه سيتم تسريح ثلث موظفيه. ومن الطبيعي أن تؤدي مثل هذه الإجراءات إلى انهيار معنويات الموظفين المتبقين وسينصب اهتمامهم على إيجاد وظائف جديدة أكثر من اهتمامهم بالبحث عن تهديدات داخل نظام السوق وتحديد المخاطر المتوقعة.