DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
national day
national day
national day

وديع سعادة

إضاءة

وديع سعادة
وديع سعادة
أخبار متعلقة
 
على الرغم من أننا نلتقي بالعمل الإبداعي بصورته المكتملة إلا أنه يمر بمراحل يتشكل فيها بمدد تختلف من مبدع لآخر، بل انها تختلف من عمل لآخر لدى المبدع الواحد، وقد تمتد لعدة سنوات وتمر بكثير من التحولات. (اليوم الثقافي) يسلط هنا بعض الضوء على هذا الجانب الخفي من العملية الإبداعية، وهذا لا يتم إلا من خلال المبدع نفسه، حيث يكشف عن خفايا عمله. وسوف يضيء المبدع لنا ثلاث مراحل في عمله الإبداعي: أولها ـ مرحلة الحضانة أي مرحلة ما قبل ظهور النص. ثانيها ـ مرحلة التكوين أي مرحلة الكتابة منذ بداية ظهور النص حتى نهايته. ثالثاً ـ مرحلة الفراغ أي مرحلة ما بعد الكتابة وكيف يتعامل المبدع مع عمله بعد الفراغ منه. ضيفنا هذا الأسبوع الشاعر اللبناني المعروف وديع سعادة، حيث يحدثنا عن تجربته الخاصة مع الإبداع. ما قبل : احيانا تأتيني القصيدة مثل زائر بلا موعد، وأحياناً أسمع خطواتها وهي في البعيد، وفي كلا الحالين لا أفتح لها بسهولة لا أدعها تدخل إلا بعد إلحاح ولا أسعى مطلقاً إليها لا أريدها ولادة قيصرية.. أدعها هي تلح علي، لأن في إلحاحها صدقها وعفويتها وعمقها ورغبتها الأكيدة في ولادة طبيعية. حين تفيض الحالة تأتي الكتابة .. الكتابة هي فقط ما يفيض من الممتلىء . غالباً ما تكون مؤثرات الكتابة لدي مؤثرات داخلية ذاتية حالات خاصة لكنها مشرعة على العام فالخاص هو العام أيضا فمثلها الذي يأتي من الخارج.. يصير شيئاً من الداخل، كذلك الذي يطفح من الداخل يصير شيئاً من الخارج وحده.. وفي اقتصارها على الكينونة الداخلية تبقى تخص الأشياء الخارجية تصير مادة للكتابة بعد انصهارها في الأتون الداخلي وتحولها إلى مزيج من الخاص والعام معاً . في اقتصارها على الكينونة الخارجية تبقى تخص الخارج الذات وحدها. انصهارها الثنائي هو الذي يخولها أن تكون كتابة انعكاسية للعام والخاص معاً . لا أؤمن بـ (منهجية) للكتابة الشعرية أو بوضع (تصميم) لها.. الشعر هو نقيض هذه الهندسة ونقيض كل منهجية تقريباً. لا تصميم في الشعر إنه مثل سيل يشق طريقه بنفسه. أثناء قد تبدأ القصيدة بكلمة، بجملة، بصورة، ثم تمضي بانية عالمها الذي لايمكن تحديد معالمه وفضائه ومداه وحدوده قبل بدء الكتابة ولا أثنائها فالشعر كائن حر، يولد بذاته وينمو بذاته ويحدد ذاته بذاته. قيمته تكمن في هذه الحرية وفي هذه الحرية بالضبط يكمن أمل الشاعر وهاجسه فقيمة الشعر ليست في حريته بذاتها فقط، إنما أيضا في رغبة الشاعر في (سرقة) هذه الحرية وجعلها ملكه. هذا هو أمل الشاعر، أو بالأحرى وهمه. واقتناص هذا الوهم (أو هذا الأمل) له طقوسه القاسية. قد تكون العزلة في طليعة هذه الطقوس. العزلة بمعنييها : المكاني والتحرر الفكري. وهذه الطقوس قاسية لأن العزلة المكانية وحدة والشعر يطلب إلفة إنسانية، ولأن التحرر الفكري له ثمن باهظ اجتماعياً وحديثاً وربما سياسياً ونتيجة لذلك قد يصطدم الشاعر بسؤال : ما الجدوى، ما دام الأمل خائباً ؟ ربما لذلك يتطلب الشعر لا وعياً لكني أسارع إلى القول إن هذا اللاوعي هو ذروة الوعي بالواقع.. العالم المنشود لا يكمن إلا في لا وعينا، ولهذا يجب أن نحافظ على لاوعينا لكي يبقى لنا العالم المنشود.. الشعر هو نشدان عالم غير موجود، عالم سيبقى غائباً . ما بعد ليس في الضرورة أن تشكل كل قصيدة حافزاً لكتابة قصيدة أخرى، لكن هذا لا ينفي أن تكون كل قصيدة حلقة من حلقات سلسلة متتابعة. أظن أن أعمال أي شاعر هي في النهاية عمل واحد متتابع الحلقات لا يكتب الشاعر، في رأيي ، إلا قصيدة واحدة. اعود أحياناً إلى قراءة بعض قصائدي، ولكن في أوقات متباعدة. بعد أن أكتب قصيدة أنظر إليها ككائن حي فارقني، أو ربما ككائن ميت. وقد أقرأها للأصدقاء وقد أضعها في درج وأنساها، وقد أرميها في القمامة. طقوس : ـ لا أغير كثيراً في قصيدتي غالباً ما تأتي في انسيابها العفوي الذي أحافظ عليه ولا أجد وجوباً لتعديله. ـ لا أحتفظ بالمسودات إذا كان هناك تعديل ما على القصيدة أنقلها بصيغتها النهائية وأرمي المسودة . ـ قد تقصر (مدة الحضانة) للنص أو تطول تبعاً للوقت الذي يتطلبه النص لكي يولد ولادة طبيعية لا قسر فيها ولا اصطناع حضانة كافية لكي تجعل هذا الوليد أهلاً للولادة. ـ أكتب عادة بقلم حبر ناشف. والتدخين عادة سيئة لدي ترافقني أثناء الكتابة. ـ إذا قوطعت أثناء الكتابة يكون علي أن أستعيد اللحظة لكي أكمل.. العودة إلى مناخ القصيدة لا تشكل عائقاً لدي، لكني أهمل القصيدة إذا فشلت في ذلك. ـ نادراً ما يتدخل الآخرون في كتابة نصي، لكني آخذ ملاحظاتهم في الاعتبار إذا اقتنعت بها .