ما قاله الباحثان صاعق، ولكنه الحقيقة، فالحياة العربية، منذ العصر الجاهلي مرورا بالاموي، والعباسي، وبعد ذلك عصور الظلام، تبرهن على ذلك، اليك مثلا:
هذا ابن عمي في دمشق خليفة
لو «شئت» قادكم إليَّ قطينا..
وحين سمع الخليفة البيت قال: والله لو قال:
هذا ابن عمي في دمشق خليفة
لو «شاء» قادكم إليَّ قطينا
لسقتهم اليه ساق من؟ قبيلة كاملة، هذه هي الذات الواحدة.
2- التوأم الثاني هو «الآخر».
نعم، الذات والآخر توأمان، ذلك، لأن الذات بناء نفسي وعاطفي وعقلي و.و. يقوم على التفاعل مع الذوات الاخرى، القريبة، والبعيدة، وبدون هذا التفاعل الاجتماعي الثقافي، لا ذات، ولا آخر، ولا يفرحون.
الذات والآخر ولدا، كمفهومين - حسب محمد عابد الجابري - ولادة فلسفية غربية، وكذا قال غيره، ولكن اذا كان «الآخر هو كل من هو غيري أنا» فان هذا الآخر، يقدم نفسه، كل مرة، بكينونة مختلفة: وكذلك هي الذات، فهناك الرئيس والمرؤوس، مالك المعمل والعامل، الآخر في الجنس، الآخر في الجغرافيا، الآخر في التاريخ، الآخر في اللغة، الشرق والغرب، الآخر في الماضي والآخر في الحاضر، الآخر في الدين...
من هنا يتغير الآخر، من مجموع هذه الحالات، او التباينات، وكذلك الذات، وتستمر الحياة في صعودها، على الرغم من عثرات الطريق، او حتى انحرافاته، هنا او هناك، فكلها عثرات، او انحرافات مؤقتة فلقانون التطور قوة الماء، وهو مخترق الجبال.
اجمل من عبر عن التفاعل بين الذات والآخر - حسب اطلاعي - قريبا او بعيدا هو الروائي والشاعر الجزائري مالك حداد حين قال: «وطني هو الانسان».