ومن هنا يمكن اعتبار إجراءات نوفمبر الماضي حيال المتهمين والمشتبه بهم في قضايا فساد، جزءا من نهجٍ استثنائي لا يعفي أي متورط مهما كان شخصه أو موقعه، تعزز لاحقا بما أصدره خادم الحرمين في شهر مارس الماضي من قرار بإحداث دوائر متخصصة لقضايا الفساد في النيابة العام في إطار مكافحة الفساد بكافة صوره وأشكاله والمحافظة على المال العام، وكل هذا ضمن حزمة قرارات وإجراءات صدرت منذ العام الماضي، ترتبط بمراقبة أداء الوزارات والمؤسسات الحكومية، من أجل ضبط المال العام وحماية مكتسبات الدولة والمواطنين.
إجراءات الحماية الجديدة، تعني بوضوح أن المملكة أمام مرحلة متغيرة، لا تهاون فيها أمام أي شبهة فساد، ولا تراجع عن اتخاذ كل ما يلزم بحق أي مشتبه به مهما كان، وأن لا أحد فوق قانون الدولة العام، وفي نفس الوقت ضمان الحماية الكاملة لكل من يبلغ عن بؤرة فساد بشكل وطني وعملي يرتفع فوق مستوى الكيد الشخصي، وفق أطر محددة، وكل هذا يعني في نفس الوقت بث روح الإيجابية في نفوس المواطنين ليتخلوا عن السلبية التقليدية في التعامل مع مثل هذه الوقائع.
وهنا نكون أمام ملمحٍ قيادي يعزز روح التفاعل المجتمعي مع الرؤى والأهداف القيادية التي تحرص على صيانة المجتمع والدولة ومالها العام وكل مشاريعها التنموية، ليتأكد الجميع أن هذه الروح هي التي ينبغي أن تسود لصناعة مستقبل عزيز في وطن شفاف ونزيه.