إن التعبير عن المواقف المعارضة للقرار الرسمي بصراحة وبدون مواربة دون التعرض إلى أي شكل من أشكال الرقابة أو للاتهام بالخيانة للوطن - في الغالب وعدا بعض الحالات الاستثنائية - هو من الأشياء التي تنهض عليها خصوصية وفرادة المجتمع الأمريكي. فالأمريكيون الذي عبروا عبر الوسائط الإعلامية المختلفة عن رفضهم أو تخوفهم مما قد يكون للقرار الأخير من تداعيات وصفوها بالخطيرة، ليسوأ أقل وطنية من الذين سارعوا إلى تأييده بقوة لكونه يهدف في نهاية المطاف إلى حماية المصالح الأمريكية. هذا الاختلاف والتباين الصريح في الموقف ووجهة النظر في الانسحاب من الاتفاق النووي هو ما ذهبت أتلمس الطريق إليه في الإعلام المرئي والمقروء منذ لحظة إعلان القرار.
الغريب أن هذا الاختلاف في الولايات المتحدة بين الطرفين المؤيد والمعارض غائب تماما - ربما لم ألحظ حضوره - عن الإعلام في المنطقة العربية على وجه الخصوص. فمن يقرأ أو يشاهد الإعلام المؤيد لقرار الانسحاب من الاتفاق النووي سيخيل إليه أن كل الأمريكان عن بكرة أمهم وأبيهم مؤيدون له. ومن يتابع الإعلام الرافض له سيخيل إليه أنهم معارضون له. الحقيقة مجتزأة ومجزأة هو ما تقدمه هذه القنوات.
أخلص إلى أن الموضوعية والانصاف (fairness) لا وجود لهما في التعاطي الإعلامي العربي مع قرار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق: إما مع أو ضد. الاثنان معا لا وجود لهما خارج الإعلام الأمريكي.
الموضوعية والانصاف (fairness) لا وجود لهما في التعاطي الإعلامي العربي مع قرار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق: إما مع أو ضد. الاثنان معا لا وجود لهما خارج الإعلام الأمريكي