الغربنة هي لفظة يعود جذرها إلى لفظة الغرب، ومتبنو الغربنة هم أشخاص متشبهون بالغرب أو متماهون معهم، وهم الذين انسلخوا من هويتهم العربية والإسلامية ولا يعترفون إلا بالغرب قبلة لهم في منهجهم في الحياة، وفي نظرهم أن كل ما يأتي من الغرب صحيح وما عداه خطأ، والمتغربن في نظري يختلف عن المستغرب الذي يدرس الغرب مثل المستشرق الذي يدرس الشرق. أي ان المتغربن هو الشخص الذي يتبنى الحياة الغربية ويرى أن الغرب مركز العالم وباقي العالم أطراف له بل ان الأطراف عالة عليه، والغرب هنا ليس أوربا فقط وإنما أوربا والولايات المتحدة الأمريكية. هؤلاء يتبنون الفكر الغربي ليس في السياسة والاقتصاد فقط وإنما في كل شي وحتى في الاجتماع والأخلاق والأنظمة والقوانين ونظام الاسرة المتبع لديهم، وعلاقة الأفراد بعضهم ببعض وفي الأكل والملبس، ويعتقدون إنه لا منجاة للعرب والمسلمين والنهوض من كبوتهم إلا بتبني فكرهم ومنهجهم وطريقة معيشتهم، فهم يقتدون برأي عميد الأدب العربي الراحل طه حسين، والذي يقول بما معناه أنه يجب الاقتداء بالغرب في كل شيء بما فيها الأمور السلبية. المتشبهون بالغرب في الغالب لا ثقافة لهم أو هم من سطحيي الثقافة، وهم في نظري يختلفون عن متبني الفكر الحداثي ، هؤلاء الذين يعتقدون أن لا نهضة للعرب إلا بتبني الحداثة ليس فقط في استخدام العلوم والتقنية الحديثة وإنما كذلك بتبني الحداثة في الأنظمة والقوانين المعمول بها في الغرب في السياسة والاقتصاد وحقوق الانسان، ولكن ليس على حساب خصوصيتنا وعاداتنا وتقاليدنا ، كما فعلت بعض الدول الأسيوية وغيرها مثل اليابان او بعض الدول الإسلامية مثل ماليزيا وإندونيسيا التي تبنت الحداثة ولكنها حافظت على عاداتها وتقاليدها وارتضت بتغيير بعض العادات التي تناسب العصر .
ولان الذين يتبنون الغربنة كما ذكرت في الغالب من سطحيي الثقافة فهم لا يعلمون ان مفكري الغرب ومن يطلق عليهم مفكرو ما بعد الحداثة أمثال نيتشه وميشيل فوكو وجاك دريدا وغيرهم باتوا ينقدون المركزية الغربية نفسها ويعتقدون ان من المشكلات التي يعانيها الغرب نفسه هو تمسكه بهذه المركزية الجوفاء والتي جلبت له الكثير من المشاكل التي يعاني منها المجتمع الغربي ، وتمسكه ببعض مقولات الحداثة التي ثبت عدم صلاحيتها سواء في الغرب نفسه أو في سواه لذا قال موريس بيليه " العالم يقتفي أثر الغرب ، والغرب يهيم بلا وجهة " ، وفي رأيهم ان على الغرب أن لا يفرض مفاهيمه وأفكاره ومبادئه وقيمه وطريقة معيشته على غيره من الدول الغير أوربية بل بالعكس يدعو إلى تطعيم الثقافة الغربية بثقافات الأمم الأخرى ، لذلك بات يدعو إلى الاختلاف بدل الوحدة وينظر إلى الهامش بنفس القيمة التي كانت لدى المركز في كل مجالات الحياة في الثقافة والادب والفن والهندسة المعمارية وغيرها، وأخذ بعض مفكريه يدعو إلى العودة إلى الدين ولكن ليس على طريقة القرون الوسطى وإنما على طريقة ما بعد الحداثة .