بعد حديثي مع إحدى طالباتي السابقات عن خططها المستقبلية أدركت وتذكرت أهمية الكلمة في توجيه مسار إنسان ومستقبله. فالكلمة قد تغير ما كان سلبيًا إلى إيجابي والعكس صحيح أيضا. عندما نعلم أن ما قد نقوله دون تفكير قد يغير مصير من حولنا، عندها ندرك المسؤولية التي تلقى على عاتقنا كلما تكلمنا في ما لا علم لنا به.
لدينا في حياتنا عدد محدود من مفترقات الطرق. بعض هذه اللحظات المحورية قد يكون وقت اختيار التخصص الجامعي أو الوظيفة أو الزواج. هذه المحطات تتطلب الكثير من التمعن والتخطيط والمفاضلة بين الفرص وحساب تبعات كل قرار واختيار التوقيت المناسب. صحيح أننا لا نعلم الغيب وما قد يظهره لنا المستقبل، ولكن علينا أن نعمل بالأسباب في جميع الأحوال لنصل إلى القرار الأفضل بالمعلومات التي نمتلكها حين اتخاذ القرار.
ما نفعله في الغالب هو الحديث عن خططنا سعيًا وراء الآراء والنصائح التي قد تقرب الحل الأمثل وتوسع مداركنا وتعطينا وجهة نظر بديلة. فإما أن نقتنع بالاستشارة أو يكون مفعولها عكسيًا في جعلنا نتمسك بما نظنه الصواب. ولكن الحديث العام يسمح للجميع بالمشاركة والتأثير وقد لا يكون هذا مناسبًا.
ما يقلقني مثلا، هو أنه عند اختيار التخصص قد تجد البعض ينجرف مع حديث المجالس فيطلق أحدهم الأحكام «التخصص الفلاني لا مستقبل له، انظر لابن فلان الذي لم يجد وظيفة منذ سنتين». وكأن الخريجين من أي برنامج سواسية وكأن الظروف والجهد المبذول للحصول على الوظيفة واحد. كلمة واحدة قد تلغي احتمالًا دون إعطائه فرصة من الأساس.
عند السؤال والمشورة علينا أن ندرك أهمية اختيار من نسأل. ما الخلفية التي يستندون إليها في النصح؟ هل تثق في رأي من تسأل؟ وهل تظن أنه يريد لك الخير؟ وهل له مصلحة من توجيهك في طريق معين؟
أما إن سُئِلت وأنت لا تعرف فقل انك لا تعرف. فمن حِكَم الأولين أن «كلمة 'ما أدري'.. ما لها عاقبة». أما إن كنت تعلم وبذلت النصيحة فلا تلزم الشخص برأيك وتضغط عليه في حال لم يتقيد بها.
وأخيرا، مهما سألت واستشرت واستمعت إلى الآراء فإن اتخاذ القرار يرجع لك. وعَيش كل تبعات القرار كذلك. مهما اخترت فاختر بثقة ودون تردد وتوكل على الله وامتلك قرارك.