توجهنا بعد ذلك لجسر البحرين ليستوقفني أول رجل أمن هناك. لا أظن أنه رأى قبل هذا اليوم ابتسامة أعرض من ابتسامتي عندما طلب الرخصة والاستمارة وأعطيته إياها بكل فخر. أعلمني أنني سابع امرأة تقود على جسر الملك فهد متجهة إلى البحرين. بعد ذلك اكتشفت أنني ثالث سعودية من موظف الجمارك البحريني. لدى أغلب الأكشاك يقال لي ترتيبي بحماس.
على الجانبين السعودي والبحريني، ذهابًا وإيابًا رأيت الترحيب والتبريكات والابتسامات. أغلبهم طلب الرخصة ومن لم يطلبها سألته إن كان متأكدًا أنه لا يريدها فلم يبق سواه. كان الشعور السائد أننا نمر بحدث تاريخي سوف يتغير معه الكثير.
عدت إلى البيت فجرًا ولَم أستطع النوم. فكيف يزال حظر دام طويلًا ويكون الأمر طبيعيًا وبهذه السهولة؟ أخذت أحداث الساعات الماضية تدور في ذاكرتي في محاولة لاستيعاب ما حصل وكيف تكون تبعاته مستقبلًا. بعد ذلك بساعات ذهبت لأول مرة للعمل بسيارتي. فاليوم الأول بعد العيد تطغى عليه المعايدة إلا أن نصيب الأسد من الحديث كان عن قيادة المرأة ومدى الحماس والسعادة التي جاءت معها.
عصر نفس اليوم وبينما أقف عند إشارة مرور رأيت سيارة بجانبي تتقدم ببطء ولَم التفت. بعدها سمعت منبه السيارة وتجاهلته أيضا. لم أعلم ما الذي كنت أتوقعه ولكن فضلت ألا تكون لي ردة فعل. عندما أصبحت الإشارة خضراء تقدمت السيارة لتظهر في الخلف فتاة في العاشرة تؤشر لي بكل حماس بعلامة النصر وتشكل يديها على شكل قلب بابتسامة عريضة وتشجيع واضح.
حتى في اليوم الثاني واجهت موقفًا لطيفًا عندما رجعت للسيارة بعد التبضع. كانت بجانبي سيارة ڤان عند عودتي وتذكرت في الحال تلك التحذيرات التي كانت الشرطة في بريطانيا توجهها للنساء وهي ألا تقف بجانب هذا النوع من السيارات تفاديًا للخطف. ركبت سيارتي وأنا أسمع باب الڤان ينفتح لتظهر فتاة تسلم بكل أدب وتقول إنني أول امرأة تراها تقود وأنها سعيدة أنها رأتني وفخورة بي وأخذت تدعو لي بأن يحفظني الله.
تنوعت مشاويري هذا الأسبوع من الذهاب للعمل والتبضع وتوصيل أمي إلى تعبئة الوقود وغسيل السيارة ولكن أقرب هذه المشاوير إلى قلبي هو عندما أوصلت أمي لمديرية المرور في الدمام لتستبدل رخصتها النمساوية برخصة سعودية.
أسبوع حافل بالأحداث العادية التي تحولت إلى شيء غير عادي. يصعب علي وصف شعوري إلا أنه مهما كان في تفاصيله المتغيرة، إلا أن أساسه شعور بالامتنان العميق. امتنان للملك سلمان وولي عهده الأمين حفظهما الله.