على مدى اليوم اختلف الناس وأهداف زيارتهم وسرعة وكيفية استخدام المكان الواحد. لو استمررنا بالمراقبة سوف نرى الفرق بين أيام الأسبوع ونهايته والفرق بين المواسم حسب الأجواء ووقت الفراغ المتوافر.
دورة الحياة الزمنية في المكان الواحد تُظهر لنا الكثير. فهي من ناحية تظهر لنا سلوك الناس ومن ناحية أخرى تظهر إمكانيات أو عيوبا تصميمية للمكان. فلماذا تجد بعض الأماكن مأهولة بشكل مستمر بينما غيرها مهجورا؟ لماذا تطيل العوائل زيارتها في مكان محدد وتستعجل للمغادرة في غيره؟ هناك سلوك بشري قد يكون مشتركا حول العالم إلا أنه من المهم أن نفهم الفروق الثقافية والاجتماعية لمدننا لتلبية احتياجات سكانها بشكل أفضل.
ففي كوبنهاجن بالدنمارك على سبيل المثال أظهرت الدراسات أن الناس تقضي أربعة أضعاف الوقت في الأماكن العامة في الصيف مقارنة بالشتاء. نتيجة كهذه لا يمكن تعميمها على المجتمعات التي تعيش في الأماكن الحارة والتي لها نمط حياة مختلف تماما. لذلك كان من الضروري أن تكون لدينا دراسات سلوكية ترتبط بالأماكن لنفهم بشكل أدق ما يحتاجه السكان.
صممت مدننا لتكون السيارة هي وسيلة النقل الأساسية فتباعدت المسافات وطالت المشاوير لأن الحل في التنقل موجود. إلا أن خيار التنقل الأوحد غير من تفكيرنا لدرجة أننا اعتمدنا على السيارة حتى في المشاوير القصيرة كالذهاب لمسجد الحي وذلك إما لعادة اكتسبناها أو راحة نسعى لها أو جو حار نتفاداه.
نبض الحياة في مدننا يرتبط بأوقات الصلوات الخمس فهل نجد حركة واضحة ومحددة لشكل المدينة عندما يتجه الناس للمساجد؟ كذلك نجد حركة السير واتجاهاتها ترتبط بالذهاب والعودة من المدارس والعمل. نعرف كيف أن بعض الزحامات ترتبط بخروج موظفي أرامكو مثلا. أما حركة نهاية الأسبوع فتكون أكثر تركيزا للمجمعات التجارية وأماكن الترفيه وحتى البحرين.
ورغم تكرار دورات الحياة لا بد أن نعي أن في كل دورة يحدث تغير وأن هذه التغيرات تتراكم تدريجيا لنرى من خلالها تغيرات عبر السنوات.
إن البُعد الزماني للمدن يعتبر بُعدا تصميميا مهما. عندما نفهم سلوكيات الناس بشكل دقيق يمكننا أن نصمم حلولا أفضل لمدننا. ولكن دون تلك المعرفة تبقى القرارات مبنية على افتراضات قد لا تكون صحيحة وتكون مقيدة في ما عرفناه مسبقا.