وقال الأخصائي الاقتصادي بساكسو بنك كريستوفر دمبيك: إنه وبالرغم من توافق الآراء المتفائلة جدا حيال أداء منطقة اليورو خلال عام 2018، إلا أن وضعها الاقتصادي تدهور بسرعة كبيرة. وشهد «مؤشر سيتي للمفاجآت الاقتصادية» لمنطقة اليورو انخفاضًا ملحوظًا منذ بداية العام الحالي ليبلغ أدنى مستوياته منذ عام 2016. ويعدّ هذا المؤشر حاليا ثاني أسوأ المؤشرات من حيث الأداء على مستوى دول مجموعة العشر، ويتخلّف عن كندا بواقع 68.1 نقطة.
ويؤكد دمبيك أن التباطؤ الشديد في عرض النقد بالمعنى الضيق (M1)، إلى جانب انكماش الحوافز الائتمانيّة (والتي ساهمت بنسبة تقل عن 0.3% من الناتج الإجمالي المحلي خلال الربع الأول من عام 2018)، أدى إلى تلاشي النظرة المتفائلة حيال النمو القوي لمنطقة اليورو، وأن دورة الائتمان الجديدة والمقيدة قد بدأت للتو. وحتى الآن، كان التأثير السلبي للأوضاع النقدية محدودًا نتيجة لحفز الطلب الإجمالي عبر القطاعات الاقتصادية الخارجية (والتي تتكون بمعظمها من الصادرات المرتبطة بضعف سعر الصرف الحقيقي في منطقة اليورو) ونمو أعداد الشركات غير المالية والتي تتمتع بالسيولة الكافية في ميزانياتها العمومية والتي تغنيها عن الحاجة إلى الاقتراض المصرفي. ورغم ذلك، فإن الأمر لا يعدو عن كونه مسألة وقت قبل أن يتم تشديد الأوضاع المالية، والتي يمكن ملاحظتها على نطاق واسع في البيانات الدقيقة لمنطقة اليورو.
تأثيرات محدودة
كان للنتائج السلبية الناجمة عن الحرب التجارية حتى الآن تأثير محدود نسبيًا على النمو. ونلاحظ أن أسعار بعض الواردات الأمريكية قد شهدت زيادة كبيرة (مثل الغسالات والتي ازدادت أسعارها بنسبة 20% على مدى الشهرين الماضيين)، ولكن بقي التأثير الإجمالي لهذه الزيادات محدودًا. وتشير معظم التقديرات إلى أن نسبة التأثير الكامل للتدابير المتخذة في إطار الحرب التجارية قد تبلغ 0.1% على الناتج الإجمالي المحلي بالنسبة لاقتصادي الولايات المتحدة والصين، وهو أمر لا يمثل مشكلة كبيرة.
وتميل التجارب التاريخية السابقة، مثل إجراءات الحدّ من صادرات السيارات اليابانية الذي فرضته أمريكا عام 1981، لتؤكد بأن التأثير السلبي على النمو وحتى على سوق الأسهم يعد ضعيفًا في حال تم تجنب نشوب حرب تجارية شاملة. كما تشير الدروس المستفادة من التاريخ إلى أن القيود المفروضة على التجارة تعود بالضرر على البلدان التي تفرضها قبل غيرها. ومن هنا، فقد أدى فرض الرسوم على صادرات السيارات اليابانية خلال ثمانينيات القرن الماضي إلى خسارة الولايات المتحدة 60 ألف وظيفة آنذاك.