وقال: إن دور "حزب الله" في ملف إعادة النازحين إلى سوريا، جاء كنتيجة طبيعية لعجز الدولة في مواجهة هذا الملف.
اليوم: يبدو أن لا أفق لتشكيل الحكومة في المنظور القريب.. هل يتحمل لبنان ذلك؟
بطرس حرب: لبنان سيمر بأزمة كبيرة جدا، إن كان ذلك على الصعيد الوطني، أو الاداري اوعلى الصعيدين الاقتصادي والسياسي، وهذا يضعنا في موقف خطير جدا، إن لم يتداركه المسؤولون، وإلا عندها ستدخل البلاد في مخاطر كبيرة جدا، لا أحد يعلم عندها كيف تنتهي، أو إلى أين ستوصلنا، فقد تنفجر الأمور بطريقة لن يتمكن فيها المسؤولون من تداركها.
إن التأخير في تشكيل الحكومة والتسابق على المغانم والمحاصصة في الوزارات، واعتبار هذا البلد محصورا بالحاكمين والسياسيين دون المواطنين العاديين الوطنيين الأكفاء ونظيفي اليد يعد خطرا أوليا، كما أن تقاسم المقاعد والوزارات على أساس المصلحة، يناقض أبسط قواعد تأليف الحكومات في الدول الديموقراطية، لذلك، فإن تأخير تأليف الحكومة هو تأخير مميت يؤدي إلى انعكاسات خطيرة جدا يتحمل مسؤوليتها من يتسبب في تأخير هذا الاستحقاق.
هل من مبرر لهذا التأخير.. وأين المصلحة العليا للبلاد؟
المشكلة تكمن في أن معظم المتعاطين بالشأن العام، لا يفكرون في كيفية العمل لتحسين وضع البلاد، إلا أن جل ما يفكرون به هو كيفية تحسين أوضاعهم، وبسط سلطتهم على عدد المقاعد التي سيحصلون عليها إن كان في الادارة أو في الصفقات.
وفي ظل عقلية المحاصصة، ورفض التنازل عن الأنصبة لصالح الحلفاء او الخصوم، وعدم قبول وجود أي شخص غير محسوب على هذا الفريق السياسي، أو ذاك، في ظل توزيع المغانم، يعتبر هذا الأمر خطيرا للغاية، وينذر بعواقب خطيرة على السياسة الديموقراطية في لبنان ويؤدي الى ردات فعل سلبية.
البعض يخشى من دخول لبنان في نفق مظلم على الصعيدين السياسي والاقتصادي؟
اذا استمرت الأوضاع على ما هو عليه، سيدخل لبنان فعلا في نفق مظلم ينذر بمخاطر كبيرة، وللأسف اذا اتفقت القوى السياسية، فإنها ستتفق على مصلحة البلاد وليس لمصلحة لبنان، وان اختلفوا سيختلفون على مصلحة البلاد، وهذا ما سيؤدي إلى ضرب المصلحة العامة بعرض الحائط.
إذا نظرنا إلى الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، سنرى نظرة قاتمة للوضع الراهن، مما ينذر بعواقب وخيمة على الصعيد المالي والاجتماعي والوطني، هذا اذا أخذنا على سبيل المثال ارتفاع الفوائد على الودائع والاغراءات التي تتوفر لاصحاب الادخارات المالية لكي يضعوا أموالهم في المصارف، فهذه بداية لانهيار الاقتصاد مما يؤكد ضرورة عدم التأخير في تأليف الحكومة، من أجل إعادة الثقة بالاقتصاد الوطني، وأرجو أن يكون تشكيل الحكومة وعدم العودة إلى الوضع السابق، وأن تكون الحكومة صاحبة قرارات جادة لمصلحة لبنان.
ما الهدف من سياسة النأي بالنفس، مع استمرار «حزب الله» بتوريط لبنان في حروب المنطقة؟
سياسة النأي بالنفس عبارة عن فواتير يسددها معظم الفرقاء السياسيين للدول الإقليمية، إلا أن على أرض الواقع، لا يوجد شيء اسمه سياسة النأي بالنفس، فالحكومة السابقة لم تكن نائية بنفسها اطلاقا عن الصراع القائم في المنطقة، لا بل كان واضحا انها كانت تأخذ المنحى الذي كان يعبر عنه رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، لهذا سيكون هنالك ضغوط على الحكومة المقبلة نتيجة الى التموضع الجديد والذي سيدفع بالفريق القريب من المحور السعودي ليكون أكثر تشددا عما كان عليه قبل الانتخابات، وهذا قد يؤدي إلى التصادم حول السياسة التي يجب أن تمارسها في المرحلة المقبلة في ظل الصراع الاقليمي والدولي.
واخشى في ظل التشدد القادم، ليس فقط لجهة الفريق القريب من المحور السعودي، لا بل في ظل التشدد القائم من جانب الفريق التابع للمحور الإيراني، مما سيؤدي إلى نقل الصراع الخارجي إلى الداخل اللبناني، وهذا سيولد مشكلات تعيدنا بالذاكرة إلى المرحلة السابقة، مع العلم أننا في السابق كانت لدينا مناعة، أدت إلى الصمود في وجه كل المآسي التي تعرضنا لها على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
إلى متى سيبقى لبنان أسير قرارات «حزب الله»؟
في اليوم الذي قررت فيه القوى الأساسية في 14 آذار، انتخاب رئيس جمهورية قريب من المحور الايراني السوري، عندها اتخذ القرار الذي اعتبره خلافا لرأينا بطي صفحة إيقاف سيطرة «حزب الله» على القرار السياسي في الدولة.
ما يمسك بالملف الخارجي هو عملية التوازن القائم بين الدول في المنطقة، الحماية الوحيدة التي من الممكن أن تتأمن للبنان هي في الوقوف على الحياد في الصراعات القائمة بين العرب والمحاور الاقليمية، ولو يظن البعض أن المحور الإيراني السوري يلقى دعما أو سندا من الروس، إلا أن هذه الصورة قد تتبدل بعد فترة قصيرة، وينقلب السحر على الساحر، لهذا فان السياسة الخارجية ليست في الارتهان ولا الاستسلام، وهي ليست عفوية، بل تحكمها قواعد دبلوماسية.
«حزب الله» حل مكان الدولة في ملف إعادة النازحين إلى سوريا..كيف تقرأ ذلك؟
هذه نتيجة طبيعية لعجز الدولة على مواجهة هذا الملف بجدية، وليس غريبا أن يكون لدى «حزب الله» علاقة ممتازة مع النظام السوري، مع عجز الدولة عن القيام بهذا التنسيق، حيث تولى «حزب الله» القيام بذلك، إلا أن اللافت في الموضوع، هو أن التيار «الوطني الحر» ينسق مع الحزب، في الوقت الذي لامحالة فيه من التنسيق رسميا في هذا الموضوع، حيث ان الحكومة اللبنانية تضم «حزب الله» و«الوطني الحر»، وهذا أحد مظاهر التناقض القائم ضمن الحكومة، وعجزها عن الاتفاق حتى في القضايا الأساسية التي تتعلق بمصلحة لبنان وسيادته.
ما هو مستقبل «حزب الله» في سوريا، في ظل الصفقات الأمريكية الروسية لانهاء الدور الإيراني؟
بالطبع أصبح هناك اتفاق في القمة التي عقدت مؤخرا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، إلا أن السؤال هو هل جاء هذا الاتفاق لانهاء دور إيران في سوريا، أو لتكريس هذا الوجود، أم لحماية أمن اسرائيل في حال حصول أي تطور في سوريا، لهذا يجب الانتظار لنرى النتائج الملموسة لهذه القمة.
هنالك دور إيجابي على الرغم من أن هذا المناخ كان موضع اتفاق كبير جدا في الوسط الأمريكي ضد الرئيس ترامب ومواقفه، إلا أنه يجب الانتظار، وعدم الاستعجال، واستخلاص أمور ووقائع حصلت أو لا تحصل.
كيف تنظر لاستمرار «حزب الله» في حرب اليمن في ظل بدء العد العكسي لخسارة إيران هناك؟
أنا اعتبر أي تورط لأي فريق لبناني في الأحداث الدائرة في اليمن، يعرض لبنان واللبنانيين للخطر، لأجل ذلك منذ البداية طالبت ومنذ اليوم الأول، بأن لا تمثل الدولة اللبنانية بأطراف بل تمثل بالحكومة اللبنانية، فعندها لا يمكن لأي طرف مهما كانت علاقته الإقليمية أو الدولية أن يكون لديه خطوط تواصل على حسابه يتجاوز فيها الدولة اللبنانية.